للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"عن صلاتي": أي عن كمال الحضور فيها، كذا قيل، والطريق الآتية المعلقة -يعني قوله: "كنت انظر إلى علمها، وأنا في الصلاة، فأخاف أن تفتنني"- تدلّ على أنه لم يقع له شيء من ذلك، وإنما خَشِي أن يقع لقوله: "فأخاف"، وكذا في رواية مالك: "فكاد"، فلتؤوَّل الرواية الأولى.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه مبادرة الرسول إلى مصالح الصلاة، ونفيُ ما لعله يخدُش فيها، وأما بعثه بالخميصة إلى أبي جهم فلا يلزم منه أن يستعملها في الصلاة، ومثله قوله في حُلّة عطارد، حيث بَعَث بها إلى عمر: "إني لم أبعث بها إليك لتلبسها".

ويَحْتَمِل أن يكون ذلك من جنس قوله: "كُلْ، فاني أناجي من لا تناجي".

ويُستنبط منه كراهية كلِّ ما يَشْغَل عن الصلاة، من الأصباغ، والنقوش، ونحوها.

وفيه قبول الهدية من الأصحاب، والإرسال إليهم، والطلب منهم.

واستدلّ به الباجي على صحة المعاطاة؛ لعدم ذكر الصيغة.

وقال الطيبيّ: فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرًا في القلوب الطاهرة، والنفوس الزكية، يعني فضلًا عمن دونها. انتهى (١)، وتمام شرح الحديث، ومسائله تقدّمت في الحديث الماضي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٢٤٤] (. . .) - (حَدَّثَنَا (٢) أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَتْ لَهُ خَمِيصَةٌ، لَهَا عَلَمٌ، فَكَانَ يَتَشَاغَلُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ، فَأَعْطَاهَا أَبَا جَهْمٍ، وَأَخَذَ كِسَاءً لَهُ أُنْبِجَانِيًّا).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (وَكِيع) بن الجرّاح تقدّم قريبًا.

٢ - (هِشَام) بن عروة، تقدّم قبل باب.


(١) "الفتح" ١/ ٥٧٦ - ٥٧٧.
(٢) وفي نسخة: "وحدّثنا".