للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو ساكن الجأش، لا تنازعه نفسه شهوة الطعام، فيُعجله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها، وإيفاء حقوقها، وكذلك إذا دافعه البول والغائط، فإنه يضيع به نحوُ من هذا، وهذا إذا كان في الوقت متّسعٌ، فإن لم يكن بدأ بالصلاة. انتهى (١).

٢ - (ومنها): أن هذا الحديث يدلّ على أن حمل الصلاة في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وُضح عشاء أحدكم، وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعَشاء" على العموم أولى؛ لأن لفظ "صلاة" في هذا الحديث نكرة في سياق النفي، ولا شكّ أنها من صيغ العموم؛ ولأن لفظ الطعام مطلقٌ غير مقيّد بالعشاء، فالظاهر أن ذكر المغرب في حديث أنس -رضي اللَّه عنه- الماضي من التنصيص على بعض أفراد العامّ، وليس بتخصيص، واللَّه تعالى أعلم (٢).

٣ - (ومنها): النهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين: البول والغائط، وكذا يُلحق ما في معناه مما يَشغَل القلب، ويُذهب كمال الخشوع في الصلاة، قال الإمام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المرء مزجور عن الصلاة عند وجود البول والغائط، والعلّة المضمرة في هذا الزجرِ هي أن يستعجله أحدهما حتى لا يتهيّأ له أداء الصلاة على حسب ما يجب من أجله، والدليل على هذا تصريح الخطاب: "ولا هو يدافعه الأخبثان"، ولم يقل: ولا هو يَجِد الأخبثين، والجمع بين الأخبثين قصد به وجودهما معًا، وانفراد كلّ واحد منهما، لا اجتماعهما دون الانفراد. انتهى كلامه -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٢٥١] (. . .) - (حَدَّثَنَا (٤) يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو حَزْرَةَ الْقَاصُّ، عَنْ


(١) "المنهل العذب المورود" ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧.
(٢) راجع: "المرعاة" ٣/ ٤٩٢.
(٣) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٥/ ٤٣٠ - ٤٣١.
(٤) وفي نسخة: "وحدّثنا".