الخلافة شُورَى بين هؤلاء الستّة (أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ) أي حاربتهم، وقاتلتهم على أن يدخلوا في الإسلام، والمراد أنهم ليسوا من السابقين الأولين إليه، ولا ممن رسخ قدمه فيه، بل هم قريبو العهد به، فجملة "أنا ضربتهم" صفة لـ "أقوامًا" بعد صفة (فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ) أي الطعن في هذا الأمر، وأرادوا إثارة الفتن (فَاُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكَفَرَةُ) بفتحات: جمع كافر، كما قال في "الخلاصة":
وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهْ
وقوله:(الضُّلَّالُ) بضمّ الضاد، وتشديد اللام: جمع ضالّ، كما قال في "الخلاصة":
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: إن استحلّوا ذلك فهم كَفَرَةٌ ضُلَّالٌ، وإن لم يستحلّوا ذلك، ففعلهم كفعل الكفرة، أي فُخُذوا على أيديهم. انتهى.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فإن فعلوا ذلك" أي إن أفشوا الطعن، وعَمِلوا على الخلاف في ذلك والمشاقّة، ولم يَرْضَوا بالذين اخترتهم، فأولئك عند اللَّه الْكَفَرَة الضُّلّال، وظاهر هذا أنه حَكَم بكفرهم، وكأنه عَلِمَ أفهم منافقون، وعلى هذا يدلّ قوله:"أنا ضربتهم بيدي على الإسلام"، يعني أنهم إنما دخلوا في الإسلام على تلك الحال، لم تنشرح صدورهم للإسلام، إنما تستّروا بالإسلام، وذلك حال المنافقين.
ويَحْتَمِل أنهم لَمّا فَعَلوا فعل الكفّار من الخلاف، وموافقة أهل الأهواء، ومُشاقّة المسلمين، أَطْلَقَ عليهم ما يُطلَق على الكفّار، وعلى هذا فيكون هذا الكفر من باب كُفْرِان النِّعَم والحقوق. انتهى (١).
(ثُمَّ إِنِّي لَا أَدَعُ) أي لا أترك (بَعْدِي) أي بعد موتي (شَيْئًا أهَمَّ عِنْدِي مِنَ الْكَلَالَةِ) قال الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الكلالة مُشْتَقَّةٌ من الإكليل، وهو الذي يُحيط بالرأس من جوانبه، والمراد هنا مَن يرثه من حواشيه، لا أصوله، ولا فروعه، كما رَوَى الشعبيُّ عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- أنه سئل عن الكلالة؟