للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لإحاطتها بالقمر إذا احْتَلّ بها، ومنه الإكليل أيضًا، وهو التاج، والعصابة المحيطة بالرأس، فإذا مات الرجل، وليس له وَلَدٌ ولا والد، فورثته كلالةٌ، هذا قول أبي بكر الصديق، وعمر، وعليّ، وجمهور أهل العلم، وذكر يحيى بن آدم، عن شَرِيك، وزهير، وأبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن عبد، قال: ما رأيتهم إلا وقد تواطئوا، وأجمعوا على أن الكلالة مَن مات ليس له ولد ولا والد، وهكذا قال صاحب "كتاب العين"، وأبو منصور اللغوي، وابن عرفة، والْقُتَبيّ، وأبو عبيد، وابن الأنباريّ، فالأب والابن طرفان للرجل، فإذا ذهبا تكلَّله النسب، ومنه قيل: رَوْضَةُ مُكَلَّلةُ: إذا حُفَّت بالنَّوْر، وأنشدوا:

مَسْكَنُهُ رَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ … عَمَّ بِهَا الأَيْهُقَانُ وَالذُّرَقُ (١)

يعني نَبْتَيْن، وقال امرؤ القيس [من الطويل]:

أَصَاحِ تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ … كَلَمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ (٢)

فَسَمُّوا القرابة كلالةً؛ لأنهم أطافوا بالميت من جوانبه، وليسوا منه، ولا هو منهم، وإحاطتهم به أنهم يَنْتَسِبون معه، كما قال أعرابيّ: مالي كثير، ويرثني كلالةٌ مُتَرَاخٍ نسبهم، وقال الفرزدق [من الطويل]:

وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ … عَنِ ابْنَي مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ

وقال آخر [من المتقارب]:

وَإِنَّ أَبَا الْمَرْءِ أَحْمَى لَهُ … وَمَوْلَى الْكَلَالَةِ لَا يَغْضَبُ

وقيل: إن الكلالة مأخوذة من الكَلال، وهو الإعياء، فكأنه يصير الميراث إلى الوارث عن بُعْدٍ وإعياء، قال الأعشى [من الطويل]:

فَآلَيْتُ لَا أَرْثي لَهَا مِنْ كَلَالَةٍ … وَلَا مِنْ وَجًى (٣) حَتَّى تُلَاقِي مُحَمَّدَا

وذكر أبو حاتم، والأثرم، عن أبي عبيدة، قال: الكلالة كلُّ من لم يرثه أبٌ، أو ابنٌ، أو أخٌ، فهو عند العرب كلالةٌ.


(١) "الأَيهُقان": الجرجير البريّ، و"الذُّرَقُ" كصُرَدٍ: بقلة وحشيشة كالقتّ الرطب.
(٢) وَمضَ البرق: لَمَعَ، و"الْحَبيّ": السحاب المعترض، و"المكلَّل": الذي في جوانبه البرق مثل الإكليل.
(٣) الوجَى: الْحَفَى.