للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً) أي يطلبها برفع الصوت، و"يَنْشُد" بفتح أوله، وضمّ ثالثه، يقال: نَشَدَ الضَّالَّةَ يَنْشُدُها، من باب قتل: إذا طلبها، وكذا إذا عرّفها، والاسم نِشْدة، ونِشْدانٌ بكسرهما، وأنشدها: عَرَّفَها، قاله الفيّوميّ (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال أهل اللغة: يقال: نَشَدتُ الدابّة: إذا طلبتها، وأنشدتها: إذا عرَّفتها، ورواية هذا الحديث "يَنْشُدُ" بفتح الياء، وضمّ الشين، من نَشَدت: إذا طَلَبتَ. انتهى (٢).

وقال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يقال: نشَدت الضّالّة، فأنا ناشدٌ: إذا طلبتها، وأنشدتها: إذا عرّفتها، وهو من النَّشِيد، وهو رفع الصوت. انتهى (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن نَشَد الثلاثيّ يُستعمل للطلب، وللتعريف، وأما أنشد الرباعيّ فيُستعمل للتعريف فقط، وأن الرواية في هذا الحديث "يَنْشُدُ" الثلاثيّ، كما أفاده النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

و"الضّالّة": الحيَوَان الضائع، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الضالة: هي الضائعة من كل ما يُقْتَنَى من الحيوان وغيره، يقال: ضَلَّ الشيءُ: إذا ضاع، وضَلَّ عن الطريق: إذا حار، وهي في الأصل فاعلةٌ، ثم اتُّسِعَ فيها، فصارت من الصفات الغالبة، وتقع على الذكر والأنثى، والاثنين والجمع، وتُجْمَع على ضَوَالّ، قال: وقد تُطْلَق الضالة على المعاني، ومنه الحديث: "الكلمة الحكيمة ضالةُ المؤمن"، وفي رواية "ضالةُ كل حكيم" (٤)، أي لا يزال يَتَطَلَّبُها كما يتطلب الرجل ضالته. انتهى (٥).

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الضَّلالُ: الْغَيْبَةُ، ومنه قيل للحيوان الضائع: ضالّةٌ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٠٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٥/ ٥٤.
(٣) "النهاية" ٥/ ٥٣.
(٤) هذا الحديث ضعيف جدًّا، أخرجه الترمذيّ، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الكلمةُ الحكمةُ ضالّةُ المؤمن، فحيث وجدها فهو أحقّ بها"، وفي إسناده إبراهيم بن الفضل المخزومي متروك الحديث.
(٥) "النهاية" ٣/ ٩٨.