١ - (منها): أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وفيه التحديث، والإخبار، والعنعنة.
٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخه، فانفرد به هو وأبو داود، وسليمان، فما أخرج له البخاريّ.
٣ - (ومنها): أن فيه رواية الابن، عن أبيه: سليمان بن بُريدة، عن أبيه.
شرح الحديث:
(عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ) بُريدة بن الْحُصَيب -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ) تقدّم في الحديث الماضي، من باب نصر: إذا طلب (فِي الْمَسْجِدِ)"أل" فيه للجنس (فَقَالَ: مَنْ) استفهاميّة (دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ؟) أي من وجد الجمل الأحمر، فدعا إليه، ونادى عليه؟ (فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا وَجَدْتَ) مفعوله محذوف، والكلام على الدعاء عليه، أي لا وجدت ضالّتك، فهو بمعنى "لا ردّها اللَّه عليك".
[تنبيه]: قال الإمام ابن حبّان البستيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" بعد إخراجه الحديث، من طريق الثوريّ، عن علقمة بن مرثد، مفسِّرًا له ما نصّه: قال أبو حاتم: أُضمر فيه: لا وجدتَ إن عُدت لهذا الفعل بعد نهيي إياك عنه. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا التأويل فيه نظر لا يخفى، فإن سياق الروايات يدلّ على عدم التقييد، بل هو على إطلاقه، ولا سيّما رواية الإمام أحمد الآتية، فلا داعي إليه، فتأمّله بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.
(إِنَّمَا بُنِيَتِ) بالبناء للمفعول (الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ) أي للغرض الذي بُنيت من أجله.
وقد أخرج الحديث الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- من طريق سفيان الثوريّ، عن علقمة بن مرثد، ولفظه: أن أعرابيًّا قال في المسجد: من دعا للجمل الأحمر؟ بعد الفجر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وجدته، لا وجدته، لا وجدته، إنما بُنِيت هذه البيوت" -قال مؤمل (١) -: "هذه المساجد لما بُنِيَت له". انتهى.
(١) هو مؤمّل بن إسماعيل أحد الراويين لهذا الحديث عن الثوريّ في "مسند أحمد"، والحديث برقم (٢٢٥٣٥).