قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في عدد سجود القرآن، فرَوَينا عن ابن عباس، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- أنهما كانا يَعُدّان سجود القرآن، فقالا:"الأعراف"، و"الرعد"، و"النحل"، و"بني إسرائيل"، و"مريم"، و"الحج" أولها، و"الفرقان"، و {طسم}، و {الم (١) تَنْزِيلُ}، و {ص}، و {أَلَمْ} السجدة، إحدى عشرة سجدةً.
ورَوَينا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- رواية أخرى أنه عَدَّها عشرًا، وأسقط السجود في {ص}.
وقد اختُلِف عن ابن عمر في السجدة الثانية من سورة الحج.
وقالت طائفة: سجود القرآن أربع عشرة سجدةً، في الحج منها سجدتان، وفي المفصل ثلاثة، وليس في {ص} منها شيء، هكذا قال الشافعيّ، وقال أبو ثور كقول الشافعيّ في العدد، غير أنه أثبت السجود في {ص}، وأسقط السجود من سورة النجم، خالف الشافعيّ في هاتين السجدتين.
وقال إسحاق في سجود القرآن: خمس عشرة: "الأعراف"، و"الرعد"، و"النحل"، و"بنو إسرائيل"، و"مريم"، وفي "الحجّ" سجدتان مباركتان، وفي "الفرقان"، و"النمل"، و"ألم" تنزيل السجدة، وفي {ص}، وفي {حم (١)} السجدة، وفي {وَالنَّجْمِ}، وفي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)}.
وقال أصحاب الرأي كما قال إسحاق، إلا في السجود في الحجّ، فإنهم قالوا: فيها سجدة واحدة، وقولهم كقوله في سائر سجود القرآن. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي ما ذهب إليه إسحاق ابن راهويه من كون عدد السجود خمس عشرة سجدةً أظهر، وأقرب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في اشتراط الطهارة لسجود التلاوة:
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (واعلم): أنه يشترط لجواز سجود التلاوة، وصحته