وقد حمله الإمام أحمد على أنه كان يجهر بالواحدة، ويسرّ الثانية.
ورَوَى عبدُ الوهّاب الثقفيّ عن حميد، عن أنس، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسلّم تسليمة واحدة. أخرجه الطبراني، والبيهقي، ورفعه خطأ، إنما هو موقوف، كذا رواه أصحاب حميد، عنه، عن أنس من فعله.
ورَوَى جريرُ بن حازم، عن أيوب، عن أنس، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبا بكر، وعمر كانوا يسلمون تسليمة واحدة، أخرجه البزّار في "مسنده"، وأيوب رأى أنسًا، ولم يسمع منه، قاله أبو حاتم، وقال الأثرم: هذا حديث مرسل، وهو منكر، وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب.
ورَوَى رَوح بن عطاء بن أبي ميمونة، ثنا أبي، عن الحسن، عن سَمُرَة، كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسلّم في الصلاة تسليمة واحدة قُبَالة وجهه، فإذا سّم عن يمينه سلّم عن يساره، أخرجه الدارقطني، والعقيليّ، والبيهقيّ، وغيرهم، وأخرجه بَقِيُّ بن مَخْلَد مختصرًا، وروح هذا ضعّفه ابن معين وغيره، وقال الأثرم: لا يُحتجّ به.
وفي الباب أحاديث أُخَرُ لا تقوم بها حجة، لضعف أسانيدها.
وقد اختَلَف الصحابة، ومن بعدهم في ذلك، فمنهم من كان يُسلّم ثنتين، ومنهم من كان يُسلّم واحدة.
قال عمّار بن أبي عمّار: كان مسجد الأنصار يُسلّمون تسليمتين، ومسجد المهاجرين يُسلّمون تسليمة واحدة.
وأكثر أهل العلم على التسليمتين.
وممن رُوي عنه ذلك من الصحابة: أبو بكر، وعمر، وعليّ، وابن مسعود، وعمّار، وسهل بن سعد، ونافع بن عبد الحارث. وروي عن عطاء، والشعبي، وعلقمة، ومسروق، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمرو بن ميمون، وأبي وائل، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وهو قول النخعيّ، والثوريّ، وأبي حنيفة، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبي عُبيد، وأبي ثور، وحُكي عن الأوزاعي.
ورُوي التسليمة الواحدة عن ابن عمر، وأنس، وعائشة، وسلمة بن الأكوع، ورُوي عن عثمان، وعليّ أيضًا، وعن الحسن، وابن سيرين، وعطاء