للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأيسر في الثانية"، بدليل حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسلّم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة اللَّه، حتى يُرى بياض خدّه الأيمن، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة اللَّه: حتى يُرى بياض خذه الأيسر" (١). انتهى (٢).

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دلالة لمذهب الشافعيّ، والجمهور من السلف والخلف أنه يُسَنّ تسليمتان، وقال مالك، وطائفة: إنما تسنّ تسليمة واحدة، وتعلّقوا بأحاديث ضعيفة، لا تقاوم هذه الأحاديث الصحيحة، ولو ثبت شيء منها حُمِل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة.

وأجمع العلماء الذين يُعتدّ بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة، فإن سَلّم واحدةً استُحِبّ له أن يسلّمها تلقاء وجهه، وإن سلّم تسليمتين جَعَل الأولى عن يمينه، والثانية عن يساره، ويلتفت في كلّ تسليمة حتى يَرَى مَن عن جانبه خدّه، هذا هو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: حتى يَرَى خدَّيه مَن عن جانبه، ولو سلّم التسليمتين عن يمينه، أو عن يساره، أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره، والثانية عن يمينه صحّت صلاته، وحصلت التسليمتان، ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما. انتهى.

وقد تقدّم تحقيق الخلاف بين العلماء في حكم التسليمتين، وأدلتهم في مسائل الحديث الماضي، فراجعها تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ١٣١٨] (٥٨٢)، و (النسائيّ) في "السهو" (١٣١٦ و ١٣١٧) و"الكبرى" (١٢٣٩ و ١٢٤٠)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة"


(١) حديث صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٦٩١)، و"الترمذيّ" رقم (٢٧٢)، و"النسائيّ" رقم (١٣٢٥).
(٢) "المرقاة" ٣/ ٢٨ - ٢٩.