للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخالفهما وكيع، فرواه موقوفًا، قال ابن أبي شيبة في "مصنّفه": ثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة -رضي اللَّه عنه- قال: "ثلاث لا يخيب قائلهن. . . " الحديث.

وأما الاختلاف على منصور، فقد رواه عنه الثوريّ مرفوعًا.

فقد أخرجه أبو عوانة في "مسنده" قال: حدّثنا أبو العبّاس الغزّيّ، قال: ثنا قَبِيصة، ثنا سفيان (١)، عن منصور، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "معقّبات لا يخيب قائلهنّ. . . " الحديث (٢).

وخالف سفيان أبو الأحوص، فرواه عن منصور موقوفًا، قال ابن أبي شيبة: ثنا أبو الأحوص، عن منصور، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب، قال: "معقّبات. . . " الحديث.

فتبيّن بهذا أن مخالفة شعبة، ومنصور بالوقف غير سليمة؛ لوقوع اختلاف الرواة عليهما، فيكون هذا الاختلاف مرجّحًا لرفع غيرهما.

(والثالث): أن الوقف في مثل هذا له حكم الرفع؛ لأنه مما لا يُنال بالاجتهاد والرأي، وإنما سبيله التلقّي من الوحي.

(والرابع): أن للحديث شواهد وهي الأحاديث التي أوردها الإمام مسلم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا الباب.

وخلاصة المسألة أن ترجيح رفع هذا الحديث هو الحقّ؛ لما سبق من الحجج (٣).

والحاصل أن الحديث صحيح مرفوعًا، كما هو غرض المصنّف في إيراده هنا، لا كما ادّعاه الدارقطنيّ من ترجيح الوقف على الرفع، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) هو الثوريّ.
(٢) "مسند أبي عوانة" ٢/ ٢٧٠.
(٣) راجع ما كتبه الشيخ ربيع بن هادي في كتابه "بين الإمامين: مسلم والدارقطنيّ" ١٤٠ - ١٤٤.