للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصواتًا لحركتهم وكلامهم واستعجالهم، وفي رواية البخاريّ: "جَلَبة الرجال"، وفي رواية كريمة والأصيليّ: "جلبة رجال"، بغير "أل"، وهي للعهد الذهنيّ.

واستُدلّ به على أن التفات خاطر المصلي إلى الأمر الحادث لا يُفسد صلاته (١)، حيث إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- التفت خاطره إليهم لَمّا سمع جَلَبَتهم.

(فَقَالَ: "مَا) استفهاميّة مبتدأ، خبره قوله: (شَأْنُكُمْ؟ ") بالهمزة، ويُخفّف بحذفها، أي أيُّ شيء حالكم؟ حيث وقع منكم الجلبة، وأراد به الإنكار على ما سمعه من الجلبة المنافية لحال الصلاة (قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ) أي إلى إدراكها معك، والسين والتاء للطلب، أو للصيرورة، أي طلبنا من أنفسنا العجلة إلى الصلاة، أو صرنا عَجِلين إلى الصلاة (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("فَلَا تَفْعَلُوا) الفاء في جواب شرط مقدّر، أي إذا تأخّرتم فلا تفعلوا الاستعجال المؤدّي إلى الإخلال بآداب المشي إلى الصلاة، والنهي عن الاستعجال بلفظ النهي عن الفعل فيه مبالغة؛ لأنه من العامّ الذي يدخل ضمنه الخاصّ كذا قيل (٢). (إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ) أي مكان الصلاة لأجل أدائها (فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ) وفي نسخة: "بالسكينة"، وهو اسم فعل بمعنى الزموا، ويجوز كونه مبتدأ خبره "عليكم"، وتقدّم البحث فيه (فَمَا أَدْرَكْتُمْ) أي القدر الذي أدركتموه من الصلاة مع الإمام (فَصَلُّوْا) معه (وَمَا سَبَقَكُمْ) أي فاتكم (فَأَتِمُّوا) قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد وُجد في بعض نسخ "صحيح البخاريّ" في حديث أبي قتادة هذا: "وما فاتكم فاقضوا"، وقد خرّجه الطبرانيّ من طريق أبي نُعيم الذي خرّج عنه البخاريّ، وقال في حديثه: "ليُصلّ أحدكم ما أدرك، وليقض ما فاته"، وخرّجه بقيّ بن مَخْلَد في "مسنده" عن ابن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن شيبان، وقال في حديثه: "وما سُبِقتم فاقضوا"، وخرّجه الإسماعيليّ، ولفظه: "وما فاتكم فاقضوا". انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الفتح" ٢/ ١٣٨.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٥/ ٢١٩، و"فتح المنعم" ٢/ ٢٩٢.
(٣) "فتح الباري" لابن رجب ٥/ ٣٨٨ - ٣٨٩.