للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النيابة، وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "شيئًا" صفة مصدر محذوف، أي تأخيرًا يسيرًا، يعني أنه أخّر صلاة العصر حتى غَبَر شيءٌ من وقتها. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "شيئًا" يدلّ على أن تأخيرها إنما كان عن أول وقت الاختيار، وإنما أنكر عليه لعدوله عن الأفضل، وهو ممن يُقتدَى به، فيؤدّي تأخيره لها إلى أن يُعتقَدَ أن تأخير العصر سنّة.

ويَحْتَمِل أنه أخّرها إلى آخر وقت أدائها، وهو وقت الضرورة عندنا، معتقِدًا أن الوقت كلّه وقتُ اختيار، كما هو مذهب إسحاق وداود، والأول أشبه بفضله وعلمه، وأظهر من اللفظ. انتهى (٢).

(فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ) بن الزبير (أَمَا) بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، قال ابن مالك: هي حرف استفتاح بمنزلة "ألا"، ويكون أيضًا بمعنى حقًّا، ذكر ذلك سيبويه، ولا تشاركها "ألا" في ذلك. أنتهى. (إِنَّ جِبْرِيلَ) عليه السلام، بكسرة همزة "إنّ "؛ لوقوعها بعد "أداة الاستفتاح"، وفي نسخة: "أما عَلِمتَ أن جبرائيل"، وجبريل عليه السلام هو الملك الموكّل بالوحي، وقد ذكرت ترجمته في "شرح النسائيّ" في هذا الموضع، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

(قَدْ نَزَلَ) أي من السماء صبيحة ليلة الإسراء (فَصَلَّى إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) بكسر الهمزة، كما بيّنه قوله الآتي: "نزل جبريل، فأمّني، فصلّيتُ معه. . . "، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣)، وقال في "الفتح": بفتح الهمزة من "أمام"، وحَكَى ابن مالك أنه رُوي بالكسر، واستشكله؛ لأن "إمام" معرفة، والموضع موضع الحال، فوجب جعله نكرةً بالتأويل. انتهى (٤).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إمام" ضُبط في "شرح مسلم" بكسر الهمزة، وفي "جامع الأصول" مقيّد بالكسر والفتح، فبالفتح ظرفٌ، وبالكسر إما أن يكون منصوبًا بفعل مضمر، أي أعني إِمَامَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو "كان" المحذوفة، قال: وقال ابن مالك: هو من المعارف الواقعة أحوالًا، كقوله [من الوافر]:


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٧٨.
(٢) "المفهم" ٢/ ٢٣١.
(٣) "شرح النوويّ" ٥/ ١٠٧.
(٤) "الفتح" ٦/ ٣٥٨ - ٣٥٩.