للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فقال له: أَبْرِد" أي كان يقول له في الزمان الذي قبل الرؤية: أبرد، أو متعلقة بـ "أَبْرِد"، أي قال له: أبرد إلى أن ترى، أو متعلقة بمقدر: أي قال له: أبرد، فأبرد إلى أن رأينا.

و"الفيء" -بفتح الفاء، وسكون الياء، بعدها همزة-: هو ما بعد الزوال من الظل.

و"التُّلُول" جمع تَل -بفتح المثناة، وتشديد اللام-: كلُّ ما اجتمع على الأرض، من تراب، أو رمل، أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة، غير شاخصة، فلا يظهر لها ظلّ إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر.

وقال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "حتى رأينا فيء التُّلُول" يعني حتى مالت الشمس، وبَعُدت عن وسط السماء، حتى ظهر للتُّلول فيءٌ.

و"الفيء": هو الظلّ بعد زواله، فإن الشمس إذا طلعت كان للتلول ونحوها ظلّ مستطيلٌ، ثم يقصُر حتى يتناهى قِصَرُهُ وقت قيام الشمس بالظهيرة، ثم إذا زالت الشمس عاد الظلّ، وأخذ في الطول، فما كان قبل الزوال يُسمَّى ظلًّا، وما كان بعده يُسمّى فيئًا؛ لرجوع الظلّ بعد ذهابه، ومنه سُمّي الفيء فيئًا، كأنه عاد إلى المسلمين ما كانوا أحقّ به ممن كان في يده. انتهى (١).

[تنبيه]: اختَلَفَ العلماء في غاية الإبراد، فقيل: حتى يصير الظل ذراعًا بعد ظل الزوال، وقيل: ربع قامة، وقيل: ثلثها، وقيل: نصفها، وقيل غير ذلك.

ونزّلها المازريّ على اختلاف الأوقات، والجاري على القواعد أنه يَخْتَلف باختلاف الأحوال، لكن يُشتَرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت، وأما ما وقع عند البخاريّ في "الأذان" عن مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، بلفظ: "حتى ساوى الظلّ التُّلُول"، فظاهره يقتضي أنه أخَّرها إلى أن صار ظل كل شيء مثله.

ويَحْتَمِل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظل بجنب التَّلّ بعد أن لم يكن ظاهرًا، فساواه في الظهور، لا في المقدار، أو يقال: قد كان ذلك في السفر،


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٢٤٧ - ٢٤٨.