للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي إسحاق لما قيل له: في تعجيلها؟ قال؟ نعم، والفقهاء يذكرونه في السجود، فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدّة الحر، فنُهُوا عن ذلك، وإنهم لما شَكَوا إليه ما يجدون من ذلك لم يَفْسَح لهم أن يسجدوا على أطراف ثيابهم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن الأثير نقلًا عن الفقهاء غير صحيح؛ لمخالفته ما صحّ من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أنه قال: "كنا نصلي مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في شدّة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه"، رواه مسلم.

ودعوى كون المراد بالثوب الثوب المنفصل -كما قالت الشافعية- مما لا دليل عليه، واللَّه تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يكون هذا منه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يؤمروا بالإبراد، ويَحْتَمِل أنهم طلبوا زيادة تأخير الظهر على وقت الإبراد، فلم يُجبهم إلى ذلك، وقد قال ثعلب في قوله: فلم "يُشْكِنا": أي لم يُحْوِجنا إلى الشكوى، ورَخَّص لنا في الإبراد، حكاه القاضي أبو الفرج، وعلى هذا تكون الأحاديث كلها متواردة على معنى واحد. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: تفسير ثعلب يرده -كما قال الحافظ- أن في الخبر زيادة رواها ابن المنذر بعد قوله: "فلم يُشْكِنا" وقال: "إذا زالت الشمس فصلُّوا"، فالأولى أن يحمل معنى "فلم يُشْكِنا" على المعنى الأول، فيكون المعنى: لم يُزِلْ شكوانا، وذلك أنهم طلبوا منه تأخيرًا زائدًا عن وقت الإبراد، وهو زوال حرّ الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت، فلم يجبهم إليه، واللَّه تعالى أعلم.

(الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ) بضاد معجمة بوزن الحمراء: هي الرمل الحارّ لحرارة الشمس، قاله السندي. وفي "المصباح": الرمضاء: الحجارة الحامية من حرّ الشمس.


(١) "النهاية" ٢/ ٤٩٧.
(٢) "المفهم" ٢/ ٢٤٧.