للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ستلقاه، أو الاستقبالُ، كالذي زارني أمس له كذا، أو اقترن الفعل بشيء مما مرّ، كالذي سيأتيني، أو إن يأتيني أكرمه، أو قد أتاني، أو ما أتاني له كذا، امْتَنَعَت الفاء؛ لفوات الشَّبَه بالشرط، وكذا لو كانت الصفة، أو الصلة غير ما ذُكِر، كالذي أبوه محسن مكرَم، والقائم زيد، ولا يجوز: فمكرم، ولا فزيد، خلافًا لابن مالك في الثاني، وأما آية السرقة، والزنا، فخبرهما محذوف، أي مما يتلى عليكم حكم السارق، والزاني. . . إلخ، وقوله {فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨]، و {فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] بيان للحكم.

وتدخل الفاء بقلّة في خبر "كل" إذا أضيف لغير ما مرّ، بأن أضيف لغير موصوف أصلًا، ككلّ نعمة فمن اللَّه، أو لموصوف بغير ما ذكر، كقوله [من الخفيف]:

كُلُّ أَمْرٍ مُبَاعِدٍ أَوْ مُدَانٍ … فَمَنُوطٌ بِحِكْمَةِ الْمُتَعَالِي

ومنه حديث: "كل أمر ذي بال. . . إلخ" (١) بناءً على أن العبرة الصفةُ الأولى، فإن اعْتُبِرت الثانية، وهي "لا يبدأ" كان من الكثير؛ لصلوحه للشرط، كما في "حاشية الصبان"، والظاهر أن مثل ذلك إضافتها لموصول بغير ما مرّ، ككلُّ الذي أبوه قائم، فله درهم.

فجملة ما تدخل الفاء في خبره إحدى وعشرون صورة، ما لم يدخلها ناسخٌ، فيمنع الفاء، بإجماع المحققين، إلا "إنَّ"، و"أَنّ" و"لكنّ" على الصحيح، كآية {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [فصلت: ٣٠] الآية، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: ٤١] الآية، وذلك كثير. انتهى ما كتبه الْخُضَريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "حاشيته" (٢)، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: إنما كتبت هذه المسألة وإن كان فيها طولٌ؛ لكثرة دورانها في الأحاديث، فينبغي معرفتها تمام المعرفة، وقد قدّمت في أوائل هذا الشرح أن المقصود الأساسيّ في وضع الشرح هو إيضاح الكتاب


(١) تقدّم الكلام على هذا الحديث في "شرح المقدّمة" عند الكلام على البسملة، وأنه حديث ضعيف، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
(٢) "حاشية الخضري" ١/ ١٠٣.