صلّيتُ، وعليه بوّب النسائيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال:"باب إذا قيل للرجل: هل صلّيتَ؟ هل يقول: لا"، ثم أورد الحديث احتجاجًا على الجواز.
٤ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكارم الأخلاق، وحسن التأني مع أصحابه، وتألفهم، وما ينبغي الاقتداء به في ذلك.
٥ - (ومنها): أن فيه مشروعية الترتيب بين الفائتة والوقتية، وكذلك بين الفوائت، والأكثرون على وجوبه مع الذكر، لا مع النسيان، وقال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لا يجب الترتيب فيها، وسيأتي بيان الخلاف في ذلك في المسألة التالية -إن شاء اللَّه تعالى-.
٦ - (ومنها): أنه استَدَلّ به من قال: لا يُشرع الأذان للفائتة، وأجاب من قال به بأن المغرب كانت حاضرةً، ولم يَذْكُر الراوي الأذان لها، وقد عُرف منا عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- الأذان للحاضرة، فدلّ على أن الراوي ترك ذكر ذلك، لا أنه لم يقع في نفس الأمر.
وتُعُقّب باحتمال أن تكون المغرب لم يتهيأ إيقاعها إلا بعد خروج وقتها على رأي من يذهب إلى القول بتضييقه، وعكس ذلك بعضهم، فاستدلّ بالحديث على أن وقت المغرب متسع؛ لأنه قدّم العصر عليها، فلو كان ضيقًا لبدأ بالمغرب، ولا سيما على قول الشافعي في قوله بتقديم الحاضرة، وهو الذي قال بأن وقت المغرب ضيّق، فيحتاج إلى الجواب عن هذا الحديث.
وهذا في حديث جابر -رضي اللَّه عنه-، وأما حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- فلا يتأتى فيه هذا؛ لما تقدّم أن فيه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بعد مضيّ هُويّ من الليل، قاله في "الفتح"(١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في الترتيب بين الفوائت المقضيّة والمؤداة:
ذهب الأئمة: أبو حنيفة، ومالك، والليث، والزهريّ، والنخعيّ، وربيعة إلى القول بوجوب تقديم الفائتة، على خلاف بينهم.