للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجاب بعضهم بأن وصف العشاء بالآخرة؛ لأنها آخر الصلوات، لا لأن قبلها عشاء أخرى.

وقد حُكي عن الأصمعيّ أنه أنكر تسميتها العشاء الآخرة، ولا يُلتَفت إليه.

وفي "صحيح مسلم" عن عليّ -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- العصر يوم الأحزاب بين العشاءين: المغرب والعشاء.

قال أصحابنا -يعني الحنابلة-: وحديث ابن مُغفَّل -رضي اللَّه عنه- يدلّ على أن تسميتها بالمغرب أفضل، ونحن نقول بذلك، ومن متأخّريهم من قال: حديث ابن مغفَّل إنما يدلّ على النهي عن أن يغلب اسم العشاء على المغرب، حتى يُهجَر اسم المغرب، أو يقِلّ تسميتها بذلك، كما هي عادة الأعراب، فأما إذا لم يغلب عليها هذا الاسم فلا يتوجّه النهي حينئذ إليه.

وقد تقدّم أنها تُسمّى صلاة البصر أيضًا، فإذا سُمّيت بذلك من غير أن يُهجر تسميتها بالمغرب، ويَغلب تسميتها بذلك جاز. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن مما سبق من ذكر الأقوال وأدلّتها أن الأرجح جواز تسمية المغرب بالعشاء؛ لصحّة الأحاديث بذلك، لكن الأولى تسميتها بالمغرب؛ لحديث عبد اللَّه بن مغفّل -رضي اللَّه عنه-، كما سبق القول في تسمية العشاء بالعتمة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٤٥٧] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا (٢) أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَغْلِبَنَكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّهَا في كِتَابِ اللَّهِ الْعِشَاءُ، وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الإِبِلِ").


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٢) وفي نسخة: "حدّثنا".