للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ولولا الأحاديث الدالة على جواز صلاة الرجل وحده كحديث: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"، وحديث: "صلاة الرجل أفضل من صلاة أحدكم وحده. . . "، وحديث: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده. . . " لقلت -كما قالت الظاهرية-: إنها من شروط صحة الصلاة.

وخلاصة القول أن صلاة الجماعة فرض عين على من ليس له عذر من الرجال، وأما النساء فلا خلاف في أن شهودهن الجماعة ليس فرضًا عَليهنّ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): قد حقّق الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في تفنيد أدلّة القائلين بعدم فرضية صلاة الجماعة، في شرح حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي: "لقد هممت أن آمر. . . " الحديث، فقال بعد قوله: "وهذا الحديث ظاهر في وجوب شهود الجماعة في المساجد" ما نصّه:

وقد اعترض المخالفون في وجوب الجماعة على هذا الاستدلال، وأجابوا عَنْهُ بوجوهٍ:

مِنْهَا: حمل هَذَا الوعيد عَلَى الجمعة خاصة.

واستدلوا عَليهِ بما فِي "صحيح مُسْلِم" عَن ابن مَسْعُود، أن النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لقوم يتخلفون عَن الجمعة: "لَقَدْ هممت أن آمر رجلَّا يصلي بالناس، ثُمَّ أحرق عَلَى رجال يتخلفون عَن الجمعة".

ومنها: أَنَّهُ أراد تحريق بيوت المنافقين لنفاقهم؛ ولهذا قَالَ ابن مَسْعُود: ولقد رأيتنا وما يتخلف عَنْهَا إلَّا منافق معلوم نفاقه، وقد سبق ذكره.

والمنافق إذا تخلف عَن الصلاة مَعَ المُسْلِمِين لا يصلي فِي بيته بالكلية، كما أخبر اللَّه عنهم، أنهم {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ١٤٢].

وهذا التأويل عَن الشَّافِعِيّ وغيره.

ومنها: أَنَّهُ لَمْ يفعل التحريق، وإنما توعّد بِهِ.

وقد ذهب قوم من العلماء إلى جواز أن يهدِّد الحَاكِم رعيِّته بما لا يفعله بهم، واستَدَلّ بعضهم لذلك بما أخبر بِهِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَن سُلَيْمَان، أَنَّهُ قَالَ حِينَ اختصصت إليه المرأتان في الولد: "ايتوني بالسكين حَتَّى أشقه"، ولم يَرِد فعل