للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فظاهر رواية الأعرج، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذه أن المراد بها العشاء لقوله: "لو يعلم أحدهم أنه يجد عظمًا سمينًا، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء".

وقد ورد التصريح به فيما رواه عبد اللَّه بن وهب، عن ابن أبي ذئب، عن عجلان، مولى الْمُشْمَعِلّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لينتهين رجال ممن حول المسجد لا يشهدون العشاء، أو لأحرقن حول بيوتهم".

وحَكَى ابن بطال هذا القول عن سعيد بن المسيب، وقيل: هي العشاء والصبح معًا، ويدل له ما رواه الشيخان في بعض طرق هذا الحديث: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت. . ."، فذكره، وقيل: هي الجمعة، وبدل له رواية البيهقيّ: "فأحرِّق على قوم بيوتهم لا يشهدون الجمعة"، ويدل له أيضًا رواية مسلم من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت. . ."، فذكره.

وحَكَى ابن بطال هذا القول عن الحسن البصريّ، وعن ابن معين أيضًا أنه قال: إن هذا الحديث في الجمعة، لا في غيرها. انتهى.

قال العراقيّ: وهذا مما يضعف قول من احتج بالحديث على أن الجماعة فرض عين؛ لأنه إذا كان المراد الجمعة، فالجماعة فيها شرط، فلا يبقى فيه دليل على الجماعة في غيرها من الصلوات.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: فيما قاله العراقيّ نظر لا يخفى، كما يأتي قريبًا.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويحتاج أن يُنظَر في تلك الأحاديث التي ثبتت في تلك الصلاة أنها الجمعة، أو العشاء، أو الفجر، فإن كانت أحاديث مختلفة قيل بكل واحد منها، وإن كان حديثًا واحدًا اختَلَف فيه بعض الطرق، وعُدِم الترجيح وُقِف الاستدلال. هذا حاصل كلامه.

قال العراقيّ: رواية البيهقيّ في كونها الجمعة، ورواية كونها العشاء والصبح حديث واحدٌ، وحديث ابن مسعود في كونها الجمعة حديث آخر مستقلّ بنفسه، فعلى هذا لا يقدح حديث ابن مسعود في حديث أبي هريرة، وبنظر في اختلاف حديث أبي هريرة، وقد رجح البيهقيّ رواية الجماعة فيه على