للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"من شَهِد العشاء، فكأنما قام نصف ليلة، ومن شَهِد الصبح، فكأنما قام ليلة". انتهى (١).

ولا تعارض بين هذا الموقوف، وبين المرفوع في رواية المصنّف؛ لأن عند من رفع زيادةَ علم، وزيادة الثقة الحافظ مقبولة، على أن الموقوف في مثل هذا له حكم الرفع، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ) أي إلى عثمان -رضي اللَّه عنه- (فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي) أراد به أخوّة الإسلام، لا أخوّة النسب؛ لأنه قرشيّ، وعبد الرحمن أنصاريّ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ) أي مع صلاته العشاء في جماعة أيضًا، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الثالثة -إن شاء اللَّه تعالى- (فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه أنه قام نصفَ ليلة، أو ليلةً لم يُصَلِّ فيها العشاء والصبح في جماعة؛ إذ لو صلى ذلك في جماعة، لَحَصَل له فضلها، وفضل القيام.

وقال البيضاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نَزَّل صلاة كلٍّ من طرفي الليل منزلة نوافل نصفه، ولا يلزم منه أن يبلغ ثوابه من قام الليل كله؛ لأن هذا تشبيه مطلق مقدار الثواب، ولا يلزم من تشبيه الشيء بالشيء أخذه بجميع أحكامه، ولو كان قدر الثواب سواءً، لم يكن لمصلي العشاء والصبح جماعةً منفعةٌ في قيام الليل غير التَّعَبِ. انتهى (٢).

وقال الحافظ المنذريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الترغيب والترهيب": قال ابن خزيمة في "صحيحه": "باب فضل صلاة العشاء والفجر، وبيان أن صلاة الفجر في الجماعة أفضل من صلاة العشاء في الجماعة، وأن فضلها في الجماعة ضِعْفَا فضل العشاء في الجماعة"، ثم ذكر حديث عثمان -رضي اللَّه عنه- هذا بنحو لفظ مسلم، قال المنذريّ: ولفظ أبي داود، والترمذيّ أي بلفظ: "ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، كان له كقيام ليلة"، يدفع ما ذهب إليه. انتهى.


(١) "الموطأ" بنسخة "التمهيد" ٢٣/ ٣٥٢.
(٢) "شرح الزرقانيّ على الموطأ" ١/ ٣٨٨.