وقال الكرمانيّ: وفي بعض النسخ: "ما لم يُحدث فيه" بطرح لفظ "يؤذ"، أي ما لم ينقض الوضوء، فالمراد بالحدث الناقض للوضوء، يدلّ عليه ما رُوي أن أبا هريرة لَمّا روى هذا الحديث قال له أبو رافع: ما "يُحدِثُ؟ " قال: يفسو أو يضرط.
وقيل: يَحْتَمِلُ أن يكون المراد بالحدث هنا أعمّ من الحديث الناقض للوضوء، أي ما لم يُحدث سوءًا، ويدلّ عليه رواية أبي داود:"ما يؤذ فيه، أو يُحدث فيه"؛ لأنه عطف قوله:"أو يُحدث" على قوله: "لم يؤذ فيه".
قال المهلّب: معنى الحديث أن الحدث في المسجد خطيئة يُحرَم بها المحدِث استغفار الملائكة، ودعاءهم المرجوّ بركته.
وقيل: إخراج الريح من الدبر لا يحرُم، لكن الأولى اجتنابه؛ لأن الملائكة تتأذّى بما يتأذَّى منه بنو آدم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥٠/ ١٥٠٧ و ١٥٠٨ و ١٥٠٩ و ١٥١٠ و ١٥١١ و ١٥١٢ و ١٥١٣](٦٤٩)، و (البخاريّ) في "الصلاة"(٤٧٧) و"الأذان"(٦٤٧) و"البيوع"(٢١١٩)، و (أبو داود) في "الصلاة"(٥٥٩)، و (الترمذيّ) فيها (٦٠٣)، و (ابن ماجه) في "الطهارة"(٢٨١) وفي "المساجد"(٧٨٦)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(٢٤١٢ و ٢٤١٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٥٢)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١/ ٣٨٨ و ٢/ ٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٤٧٩ و ١٤٨٠ و ١٤٨١ و ١٤٨٢ و ١٤٨٣ و ١٤٨٤ و ١٤٨٥)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١٤٩٠)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٢٠٤٣)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٦١)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل انتظار الصلاة في المسجد، وقد ورد في فضل