للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو أنثى، وبعضهم يقول: الراحلة: الناقة التي تصلُحُ أن تُرْحَلَ، وجمعها: رَوَاحل (١). (مُوَاجِهَ الْفَجْرِ) منصوب على الحال من "بلال"، أي حال كونه مستقبلًا مكان طُلُوع الفجر؛ لِيَرْقُبه حتى يوقظهم عقب طلوعه.

(فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا عبارة عن النوم، كأنّ عينيه غالبتاه، فغلبتاه على النوم. انتهى.

وحاصله أنه نام من غير اختياره.

(وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ) جملة حاليّة تُفيد كون نوم بلال -رضي اللَّه عنه- عن غلبةٍ، لا عن تفريطه في الحِرَاسة (فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَا بِلَالٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ) أي أصابهم حرّها، وهو غاية لعدم استيقاظهم.

[فإن قيل]: كيف نام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، مع قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن عينيّ تنامان، ولا ينام قلبي"؟.

[أجيب] بجوابين: أصحهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما؛ لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به، كالحدث، والألم، ونحوهما، ولا يُدْرِك طلوعَ الفجر وغيره مما يتعلق بالعين، وإنما يُدْرَك ذلك بالعين، والعين نائمة، وإن كان القلب يقظان.

[والثاني]: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان له حالان: أحدهما ينام فيه القلب، وصادف هذا الموضع، والثاني لا ينام، وهذا هو الغالب من أحواله، قال النووّي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا التأويل ضعيفٌ، والصحيح المعتمد هو الأول. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وقد تكلم العلماء في الجمع بين حديث النوم هذا، وبين قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي"، قال النوويّ: له جوابان، ثم ذكر كلامه المذكور آنفًا، ثم علّق على قوله: والصحيح المعتمد هو الأول والثاني ضعيف، ما نصّه: وهو كما قال، ولا يقال: القلب وإن كان لا يُدْرِك ما يتعلق بالعين من رؤية الفجر مثلًا، لكنه يدرك إذا كان يقظان مرور الوقت الطويل، فإن من ابتداء طلوع الفجر إلى أن حَمِيَت الشمس مدةً طويلةً لا تخفى على مَن لم يكن مستغرقًا؛ لأنا نقول: يَحْتَمِل أن يقال: كان قلبه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ ذاك


(١) "المصباح" ١/ ٢٢٢ - ٢٢٣.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ١٨٤.