للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعني في أيّام الرمي، و"منًى" -بكسر الميم، وتخفيف النون، مقصورًا-: اسم موضع بمكة، والغالب فيه التذكير، فيصرف، وقال ابن السرّاج: ومِنًى ذَكَرٌ، والشام ذَكَرٌ، وهَجَرٌ ذكر، والعراق ذكر، وإذا أنّث مُنع؛ أي: من الصرف، وأمنى الرجلُ بالألف: أتى مِنًى، ويقال: بينه وبين مكة ثلاثة أميال، وسُمي منى لما يُمنى فيه من الدماء؛ أي: يُراق، قاله الفيوميّ (١).

قال الحريريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ملحة الإعراب" مبينًا بعض ما يُصْرَف من البقاع:

وَلَيْسَ مَصْرُوفًا مِنَ الْبِقَاعِ … إِلَّا بِقَاعٌ جِئْنَ فِي السَّمَاعِ

مِثْلُ حُنَيْنٍ وَمِنًى وَبَدْرِ … وَوَاسِطٍ وَدَابِقٍ وَحِجْرِ

وقوله: (وَغَيْرِهِ) أي: غير منى من عرفة، والمزدلفة.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: (وَغَيْرِهِ) هكذا هو في الأصول "وغيره"، وهو صحيحٌ؛ لأن "منى" تُذكّر وتؤنّث بحسب القصد، إن قُصد الموضع فمذكّرٌ، أو البُقعة، فمؤنّثة، وإذا ذُكِّر صُرِف، وكتب بالألف، وإن أُنّث لم يُصرف، وكتب بالياء، والمختار تذكيره، وتنوينه، وسُمّي مِنًى؛ لما يُمنَى به من الدماء؛ أي: يُراق. انتهى (٢).

وقوله: (رَكْعَتيْنِ) منصوب على البدليّة من "صلاةَ المسافر" (وَأَبُو بَكْرٍ) الصدّيق -رضي اللَّه عنه-، وهو معطوف على الضمير المستتر في "صلّى"، وكذا قوله: (وَعُمَرُ) بن الخطّاب -رضي اللَّه عنه-، وقوله: (وَعُثْمَانُ) أي: وصلّى عثمان بن عفّان -رضي اللَّه عنه- (رَكْعَتَيْنِ) مفعول لـ "صلّى" المقدّر (صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ) أي: أوّل خلافته، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: صَدْرُ النهار: أوّله، وصَدْرُ المجلس: مُرتَفِعُهُ، وصدرُ الطريق: متَّسَعُهُ، وصدرُ السَّهْم: ما جاوز من وسطه إلى مُستدقّه، سُمّي بذلك؛ لأنه المتقدّم إذا رُمي به. انتهى.

ثم المراد بصدر الخلافة ثمان سنين، أو ستّ، كما سيأتي.

(ثُمَّ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا) أي: صلّى عثمان -رضي اللَّه عنه- بعد ذلك أربع ركعات؛ لأنه يرى القصر والإتمام جائزين، ورأى ترجيح طرف الإتمام؛ لأن فيه زيادة مشقّة، وقد تقدّم تحقيق الخلاف في سبب إتمام عثمان -رضي اللَّه عنه-، وكذا عائشة -رضي اللَّه عنها-، مستوفًى


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٨٢.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ٢٠٣.