للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن فيه ثلاثةً من التابعين روى بعضهم، عن بعض: الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن، وهو أخو الأسود بن يزيد، وكلاهما خالان لإبراهيم؛ لأن أمه مليكة بن يزيد بن قيس أختهما.

٦ - (ومنها): أن صحابيّه من مشاهير الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، جمّ المناقب، وقد تقدّم طرف من فضائله غير مرّة.

شرح الحديث:

(عَنِ الْأَعْمَشِ) سليمان بن مِهْران أنه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) بن يزيد النخعيّ (قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنٍ بنَ يَزِيدَ) خاله، كما أسلفته آنفًا (يَقُولُ: صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ) بن عفّان -رضي اللَّه عنه- (بِمِنًى) تقدّم البحث فيه قريبًا (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ)، وكان ذلك بعد رجوعه من أعمال الحجّ في حال إقامته بمنًى للرمي، قاله في "الفتح" (١). (فَقِيلَ ذَلِكَ) أي: ذُكر ما فعله عثمان -رضي اللَّه عنه- من الإتمام (لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ) -رضي اللَّه عنه- (فَاسْتَرْجَعَ) أي: فقال: إنا للَّه، وإنا إليه راجعون؛ لأنه يراه مصيبةً، حيث خالف السنّة، وقد قال اللَّه تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة: ١٥٦]، لكن يُعتذر عن عثمان -رضي اللَّه عنه- في مخالفتها أنه اجتهد، وتأوّل، فلا لوم عليه ولا حرج، بل له أجرٌ في اجتهاده، فقد أخرج الشيخان عن عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ فله أجر"، واللَّه تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الاسترجاع لِمَا رأى من تفويت عثمان -رضي اللَّه عنه- لفضيلة القصر، ولوجود صورة خلافه لمن تقدّمه، ولا يُفْهَم منه أن ذلك الإتمام لا يُجزئ؛ لأنه قال: "ولَيت حظّي من أربع ركعات ركعتان متقبّلتان"، فلو كانت تلك الصلاة لا تُجزئ لما كان له فيها حظّ لا من ركعتين، ولا من غيرهما، فإنها تكون فاسدةً كلّها، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (٢).

(ثُمَّ قَالَ) ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ،


(١) "الفتح" ٢/ ٦٥٧.
(٢) "المفهم" ٢/ ٣٣٦.