للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي: الصلاةَ (فِي رَحْلِهِ") -بفتح الراء، وسكون الحاء المهملة-: قال أهل اللغة: هو المنزل، سواء كان من حجر، أو مدر، أو خشب، أو شَعْرٍ، أو صوف، أو وَبَرٍ، أو غيرها، جمعه رِحَالٌ.

وهذا فيه دلالة على أن الأمر في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلّوا في رحالكم" في الروايات السابقة للإباحة، والمعنى: أن من شاء منكم أن يصلّي في رحله، فليفعل، ومن تحمّل المشقّة، وأتى الجماعة، فقد استكمل الفضيلة (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان،

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

[تنبيه]: هذا الحديث مما رواه أبو الزبير عن جابر -رضي اللَّه عنه- معنعنًا، وهو مدلّسٌ، وليس الراوي عنه ليث بن سعد، فإنه لم يرو عنه إلا ما سمعه من جابر، فكيف أخرجه مسلم هنا؟.

[قلت]: يُجاب عن هذا بأن هذا مما صحّ لدى مسلم سماع أبي الزبير له من جابر -رضي اللَّه عنه-، فإنه يَعلَم تدليس أبي الزبير، فلولا صحّة سماعه لديه لَما أخرجه، ومما يؤيّد هذا أن ابن حبّان أخرج الحديث في "صحيحه" بنفس الطريق (٥/ ٤٣٧) وهو قد بيّن في "خطبة "صحيحه" أنه لا يُخرج عن المدلّسين إلا ما ثبت سماعهم له، ودونك نصّه:

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأما المدلسون الذين هم ثقاتٌ وعدول، فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بيّنوا السماع فيما رووا، مثل الثوريّ، والأعمش، وأبي إسحاق، وأضرابهم من الأئمة المتقين، وأهل الورع في الدين.

إلى أن قال: فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس، أنه بَيَّن السماع فيه، لا أبالي أن أذكره من غير بيان السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر. انتهى (٢).


(١) راجع: "المنهل العذب المورود" ٦/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) "صحيح ابن حبان" ١/ ١٦١ - ١٦٢.