للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن صحابيّه -رضي اللَّه عنه- أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، والمشهورين بالفتوى.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ) -رضي اللَّه عنهما- (أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفه (١). (فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ) أَي: كثير المطر، وفي الرواية التالية: "خطبنا عبد اللَّه بن عبّاس في يوم ذي رَدْغٍ"، و"الردغ": الْوَحْلُ (إِذَا قُلْتَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ"، فَلَا تَقُلْ: "حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ") أي: لأن فيه تكليف السامعين بالحضور إلى الصلاة، ولكن (قُلْ: "صَلُّوا فِي بُيُوتكُمْ") وفي رواية البخاريّ: "فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال" (قَالَ) عبد اللَّه بن الحارث (فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا) أي: أنكروا عليه، السين والتاء زائدتان للتأكيد، وفي رواية للبخاريّ: "كأنهم أنكروا ذلك" (ذَاكَ) وفي نسخة: "ذلك" أي: أمره المؤذّن بما ذُكر (فَقَالَ) ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- (أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا؟) أي: من قولي المذكور (قَدْ فَعَلَ ذَا) أي: الذي استنكرتموه (مَنْ) موصولة؛ أي: الذي (هُوَ خَيْرٌ مِنِّي) يعني: النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي رواية البخاريّ: "فَعَلَ هذا من هو خير منه"، وللكشميهنيّ: "منهم"، وللحجبيّ: "مني يعني: النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، قال في "الفتح": كذا في أصل الرواية، ومعنى رواية الباب: من هو خير من المؤذن، يعني فَعَلَه مؤذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو خير من هذا المؤذن، وأما رواية الكشميهنيّ ففيها نظرٌ، ولعلّ من أَذَّن كانوا جماعة، إن كانت محفوظةً، أو أراد جنس المؤذنين، أو أراد: خيرٌ من المنكرين. انتهى (٢).

وتعقّب العينيّ على الحافظ، فقال: في نظره نظرٌ، وتأويله بالوجهين غير صحيح، أما الأول فلم يثبت أن مَن أَذَّن كانوا جماعةً، وهذا احتمال بعيدٌ؛ لأن الأذان بالجماعة مُحْدَثٌ، وأما الثاني فلأن الألف واللام في "المؤذن" للعهد، فكيف يجوز أن يراد الجنس؟. انتهى (٣).


(١) راجع: "تنبيه المعلم بمهمات صحيح مسلم" (ص ١٥١).
(٢) "الفتح" ٢/ ١١٧.
(٣) "عمدة القاري" ٥/ ١٨٧.