للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بـ "الكفاية"، وكذا إسماعيل بن الفضل التيميّ في كتابه المسمَّى بـ "الترغيب والترهيب".

قال الطيبيّ: وأقول: لعل هذا الوجه أرجح؛ لأن الأصل في إسناد الركبة إلى الركبة أن يكون الاعتماد والاتّكاء عليه، فإذا لا يبعُدُ وضع جبريل - عَلَيْهِ السَّلَام - يديه على فخذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تلك الحالة، فأشعرت تلك الهيئة بأنها ليست كهيئة التلميذ، وكذا نداؤه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسمه، بل هما من هيئة الشيخ إذا اهتمّ بشأن التعليم، وأراد مزيد إصغاء المتعلّم وإفهامه، فكيف لا؟ وقد شَهِد الله تعالى به في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥)} [النجم: ٥]، وكفى يه شاهدًا، وينصره أيضًا أمران:

[أحدهما]: قوله: "جلس إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، فلو كان جلوسه جلوس المتعلّم لقيل: بين يديه، فضلًا أن يقال: عنده، فكيف بقوله: "جلس إليه"؛ لأنه متضمّن معنى الميل والإسناد، كأنه قيل: مال إليه حالة جلوسه، وأسند إليه، فيكون عطف قوله: "وأسند ركبتيه" على قوله: "جلس إليه" للبيان والتفسير، كعطف قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ} - إلى قوله -: {مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} على قوله: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: ٧٤]؛ لما يُعلم من المعطوف كون قلوبهم أقسى من الحجارة.

[وثانيهما]: قوله: "صدَقتَ"، وإنما يقال هذا إذا طابق قول المسئول عنه قول السائل؛ لأنه إذا عرف أن المسئول عنه أصاب المخبر، وطبَّق المفصل صوّبه، ولهذا السرّ قالوا: "فَعَجِبْنَا من قوله: صدقت".

وأيضًا في إيثار "إذ طلع علينا" على "إذ دخل" إشارة إلى عظمته وعلوّه، قال الراغب الأصبهانيّ: طلع علينا فلان مستعار من طلعت الشمس (١)، وقال في "الكشّاف": في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مريم: ٧٨]: ولاختيار هذه الكلمة شأن، يقول: أو قد بلغ من عظمة شأنه أن ارتقى إلى علم الغيب (٢)، فحينئذ يتعلّق قوله: "حتى" بمحذوف يدلّ عليه "طلع"، أي دنا منه حتى جلس إليه.


(١) راجع: "المفردات" للراغب، مادة "طلع".
(٢) راجع: "الكشاف" تفسير سورة مريم ص ٧٨.