للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين، روى بعضهم عن بعض: الأعمش، عن حبيب، عن سعيد، وقد سبق الكلام عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- قريبًا.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- أنه (قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، بِالْمَدِينَةِ) الباء بمعنى "في" (فِي غَيْرِ خَوْفٍ) أي: من غير خوف عدوّ يهاجمهم (وَلَا مَطَرٍ) أي: ومن غير نزول مطر يؤذيهم (فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ) متعلّق بـ "قال" بعده، وفي نسخة: "وفي حديث وكيع" بالواو (قَالَ) أي: سعيد بن جبير (قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟) أي: الجمع في الحضر (قَالَ) ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- (كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ) "كي" تعليليّة؛ أي: فعل ذلك لئلا يوقع أمته في الحرج؛ أي: المشقّة والضِّيق (وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (مَا) استفهاميّة (أَرَادَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (إِلَى ذَلِكَ؟) متعلّق بحال مقدّر؛ أي: حال كونه مائلًا إلى الجمع (قَالَ) ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- (أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ).

في تعليل ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا دليلٌ على أن هذا الجمع جمعٌ حقيقيّ، لا صُوريّ، وذلك لأنه أجاب بمثل هذا الجواب لَمّا سُئل عن سبب الجمع في السفر، وقد ثبت أن الجمع هناك حقيقيّ بالإجماع في عرفة والمزدلفة، وفي جميع الأسفار عند الجمهور، فيكون جوابه هنا مثله، كما لا يخفى، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم بيان مسائله في شرح حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- أوّل الباب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٦٣٤] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا، قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ (١) الْعَصْرَ،


(١) وفي نسخة: "وأعجل".