ويحيى بن أبي زائدة عند المصنّف هنا أيضًا، وابن خزيمة، وابن المبارك عند النسائيّ، وأبو أحمد الزبيري عند ابن خزيمة، فقالوا: عن مسعر، عن ثابت بن عبيد، عن ابن البراء، عن البراء بن عازب -رضي اللَّه عنهما-، فأبهموه.
وأما أبو أحمد الزبيريّ من رواية محمد بن رافع عنه عند أبي داود، فقال: عن مسعر، عن ثابت بن عبيد، عن عُبيد بن البراء، عن أبيه، فسماه عبيدًا.
وأما وكيع عند أحمد، وسفيانُ عند ابن خزيمة، فقالا: عن مسعر، عن ثابت بن عبيد، عن يزيد بن البراء، عن أبيه، فسمياه "يزيد".
وممن أسقطه: أبو أحمد الزبيريّ في رواية محمد بن بشار عنه عند ابن خزيمة، ووكيع في رواية سلم بن جنادة عنه، عند ابن خزيمة أيضًا، كلاهما عن مِسْعَر، عن ثابت بن عبيد، عن البراء بن عازب، فأسقطوه.
والحاصل أن الأكثرين على إثبات الواسطة، ثم الأكثرون منهم على إبهامه، لكن هذا الاختلاف لا يضرّ؛ لإمكان حمله على أن ثابتًا سمعه عن البراء نفسه، وعن ابنه عنه، وكذا لا يضرّ إبهام ابنه؛ لأنه سمي في الروايات الأخرى، وكذا الاختلاف في تسميته عُبيدًا، ويزيد لا يضرّ أيضًا؛ لأن كلًّا منهما ثقة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
(عَنِ الْبَرَاءِ) بن عازب -رضي اللَّه عنهما- أنه (قَالَ: كُنَّا) يعني: معاشر الصحابة -رضي اللَّه عنهم- (إِذَا صَلَّيْنَا) أي: إذا أردنا الصلاة (خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ) وفي رواية النسائيّ: "أحببت أن أكون" بضمير المتكلم الواحد (عَنْ يَمِينِهِ) أي: جهة يمين النبيّ، وقوله (يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ) جملة تعليليّة؛ أي: وإنما أحببنا أن نكون عن يمينه؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُقبل علينا بوجهه الشريف.
وفي رواية ابن خزيمة في "صحيحه" من رواية يزيد بن البراء، عن أبيه، قال:"كان يعجبنا أن نصلي مما يلي يمين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه كان يبدأ بالسلام على يمينه".
قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يكون التيامن عند التسليم، وهو الأظهر؛ لأن عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا انصرف أن يستقبل جميعهم بوجهه، قال: وإقباله -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحْتَمِل أن يكون بعد قيامه من الصلاة، أو يكون حين ينفتل. انتهى.