للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"يصلي أربعًا، ويزيد ما شاء اللَّه". انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أقرب الأجوبة، وأحسنها قول من قال: إن نفي عائشة -رضي اللَّه عنها- لصلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- الضحى مبنيّ على علمها، حيث لم تره يصليها إلا في حال قدومه من مغيبه، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قيل: إنما نفت أن تكون رأته يصلّيها بحضرتها، وغير حال قدومه من سفر، وحيث صلى أربعًا كان إذا قَدِمَ من سفر. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيهات]:

(الأول): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا يدلّ على ضعف ما روي عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن صلاة الضحى كانت واجبة عليه، وعدّها لذلك جماعة من العلماء من خصائصه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يثبت ذلك في خبر صحيح، وقول الماورديّ في "الحاوي": إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- واظب عليها بعد يوم الفتح إلى أن مات، يَعكُر عليه ما رواه مسلم من حديث أم هانئ -رضي اللَّه عنها- أنه لم يصلّها قبلُ، ولا بعدُ.

ولا يقال: إن نفي أم هانئ لذلك لا يلزم منه العدم؛ لأنا نقول: يحتاج من أثبته إلى دليل، ولو وجد لم يكن حجة؛ لأن عائشة -رضي اللَّه عنها- ذكرت أنه كان إذا عَمِل عملًا أثبته، فلا تستلزم المواظبة على هذا الوجوبَ عليه، قاله في "الفتح" (٣).

(الثاني): ذَكَرَ النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: صحّ عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه قال في الضحى: هي بدعة، فيُحْمَل على أنه أراد أن صلاتها في المسجد، والتظاهر بها، كما كانوا يفعلونه بدعة، لا أن أصلها في البيوت، ونحوها مذمومٌ، أو يقال: قوله: بدعة؛ أي: المواظبة عليها؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يواظب عليها؛ خشيةَ أن تُفرض، وهذا في حقّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ثبت استحباب المحافظة في حقّنا بحديث أبي الدرداء، وأبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- الآتي؛ أو يقال: إن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- لم يبلغه فعل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الضحى، وأمْره بها، وكيف كان، فجمهور العلماء على استحباب الضحى، وإنما نُقل التوقّف فيها عن ابن مسعود، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم-،


(١) "الفتح" ٣/ ٣٧٣ - ٣٧٤.
(٢) "المفهم" ٢/ ٣٥٦.
(٣) "الفتح" ٣/ ٣٧٣.