للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ: سَأَلْتُ، وَحَرَصْتُ) بفتح الراء على المشهور، وبه جاء القرآن، وفي لغة بكسرها، قاله النوويّ (١).

وقال في "المصباح": حَرَصَ عليه حَرْصًا، من باب ضَرَبَ: إذا اجتهد، والاسم الْحِرْص بالكسر، وحَرَصَ على الدنيا، من باب ضَرَبَ أيضًا، ومن باب تَعِبَ لغةٌ: إذا رَغِبَ رَغبةً مذمومةً، فهو حَرِيصٌ، وجمعه حِرَاصٌ، مثلُ ظَرِيف وظِرَاف، وغَلِيظ وغِلَاظٍ، وكَرِيمٍ وكِرَامٍ. انتهى (٢).

والمناسب هنا المعنى الأول، وهو الاجتهاد، والجملة في محلّ نصب على الحال بتقدير "قد" عند البصريين، وجوّزه الكوفيّون بلا تقدير.

وقوله: (عَلَى أَنْ أَجِدَ) متعلّق بـ "حرَصتُ" (أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، يُخْبِرُنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى) -بضم السين-: أي: نافلة الضحى (فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُحَدِّثُنِي ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ) بالهمزة بعد النون، وتقدّم أن اسمها فاختة، وقيل: غيره (بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، أَّخْبَرَتْنِي أَن رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَتَى) بالبناء للفاعل؛ أي: جاء إلى بيتها، وفي رواية ابن أبي ليلى السابقة: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل بيتها" (بَعْدَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ) هو وقت صلاة الضحى (يَوْمَ الْفَتْحِ) أي: يوم فتح مكة (فَأُتِيَ بِثَوْبٍ) بالبناء للمفعول (فَسُتِرَ عَلَيْهِ) بالبناء للمفعول أيضًا، وقد اختلفت الروايات فيمن ستره، قيل: فاطمة بنته -رضي اللَّه عنها-، وقيل: أبو ذرّ -رضي اللَّه عنه-، وتقدّم وجه الجمع (فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَامَ، فَرَكَعَ ثَمَانِيَ (٣) رَكَعَاتٍ) وفي بعض النسخ: "ثمان ركعات"، والأول هو الجاري على القاعدة؛ لأن ثماني إذا أُضيف إلى مؤنّث تثبُت الياء ثبوتها في القاضي، وتعرب إعراب المنقوص، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في غير هذا الموضع (لَا) نافية (أَدْرِي أَقِيَامُهُ فِيهَا) أي: في تلك الركعات (أَطْوَلُ (٤)، أَمْ رُكُوعُهُ، أَمْ سُجُودُهُ، كُلُّ ذَلِكَ) من القيام، والركوع، والسجود (مِنْهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (مُتَقَارِبٌ)، (قَالَتْ) أم هانئ -رضي اللَّه عنها- (فَلَمْ أَرَهُ سَبَّحَهَا قَبْلُ) بالبناء على الضمّ؛ لقطعه عن الإضافة، ونيّة معناها، ومثله "بعدُ"؛ أي: قبل ذلك اليوم (وَلَا بَعْدُ) أي: بعد ذلك اليوم، ولا ينافي هذا ما ثبت من رؤية


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ٢٣١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٣٠.
(٣) وفي نسخة: "ثمان".
(٤) وفي نسخة: "أقيامه أطول فيها".