للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه المخّ من البعير إذا عَجِفَ السُّلامى والعين، قال أبو عبيد: هو عظم يكون في فِرْسِنِ البعير. انتهى (١).

وسيأتي للمصنّف في "كتاب الزكاة" حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- مرفوعًا: "إنه خُلق كل إنسان من بني آدم على ستّين وثلاثمائة مَفْصِل، فمن كبّر اللَّه، وحمد اللَّه، وهلل اللَّه، وسبح اللَّه، واستغفر اللَّه، وعَزَل حجرًا عن طريق الناس، أو شوكةً، أو عظمًا عن طريق الناس، وأَمَرَ بمعروف، أو نَهَى عن منكر، عَدَدَ تلك الستين والثلاث مائة السُّلامَى، فإنه يمشي يومئذ، وقد زَحْزَحَ نفسه عن النار".

(مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) بالرفع على الفاعليّة (فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ضبطناه: "ويجزي" بفتح أوله، وضمّه، فالضمّ من الإجزاء، والفتح من جَزَى يَجزي: أي: كفى، ومنه قوله تعالى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ} الآية [البقرة: ٤٨]، وفي الحديث: "لا تجزي عن أحد بعدك". انتهى (٢).

وقال في "المصباح": جَزَى الأمرُ يَجْزِي جزاءً، مثلُ قَضَى يَقْضِي قَضَاءً وزنًا ومعنى، وفي التنزيل: {يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: ١٢٣]، وفي الدعاء: "جزاه اللَّه خيرًا": أي: قضاه له، وأثابه عليه، وقد يُسْتَعمل أجزأ بالألف والهمز بمعنى جَزَى، ونَقَلهما الأخفش بمعنى واحد، فقال: الثلاثي من غير همز لغة الحجاز، والرباعي المهموز لغة تميم، وجازيته بذنبه: عاقبته عليه، وجَزَيتُ الدينَ: قضيته، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بُرْدة بن نِيَارٍ -رضي اللَّه عنه- لَمّا أمره أن يُضَحِّي بجَذَعة من المعز: "تَجزِي عنك، ولن تَجْزيَ عن أحد بعدك"، قال الأصمعيّ: أي: ولن تَقْضِيَ، وأجزأت الشاة بالهمز: بمعنى قَضَت لغةٌ، حكاها ابن القَطّاع، وأما أجزأ بالألف والهمز، فبمعنى أغنى.

قال الأزهريّ: والفقهاء يقولون فيه: أجزى من غير همز، ولم أجده لأحد من أئمة اللغة، ولكن إن همز أجزأ، فهو بمعنى كَفَى، هذا لفظه، وفيه نظرٌ؛ لأنه إن أراد امتناع التسهيل، فقد توقَّف في موضع التوقُّف، فإن تسهيل


(١) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ٣٩٦.
(٢) "شرح مسلم" ٥/ ٢٣٤.