(وَفِي الْآخِرَةِ مِنْهُمَا) أي: يقرأ في الركعة الأخرى من الركعتين، وهي الثانية ({آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}) أي: يقرأ الآية المشتملة على هذا الكلام، وهي قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢)} [آل عمران: ٥٢].
ووقع في الرواية التالية من طريق أبي خالد الأحمر، عن عثمان بن حكيم:"كان رسول اللَّه، يقرأ في ركعتي الفجرة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}[البقرة: ١٣٦]، والتي في آل عمران:{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}[آل عمران: ٦٤] ".
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الظاهر أن الرواية الأولى أرجح؛ لأن مروان بن معاوية أحفظ من أبي خالد الأحمر، وقد تابعه عيسى بن يونس، كما سيأتي عند المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
ويَحْتَمِل أن يكون في بعض الأوقات يقرأ هذه، وفي بعضها يقرأ هذه، وهو ظاهر صنيع المصنّف، حيث أخرج الحديثين معًا، ولم يتكلّم في أحدهما.
[تنبيه]: قال الإمام أبو داود في "سننه"(٢/ ٢٠):
(١٢٦٠) حدّثنا محمد بن الصباح بن سفيان، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عمر، يعني ابن موسى، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه سمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في ركعتي الفجر:{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا}[آل عمران: ٨٤] في الركعة الأولى، وفي الركعة الأخرى بهذه الآية: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣)} [آل عمران: ٥٣]، أو {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (١١٩)} [البقرة: ١١٩]، شك الدّرَاوَرْديّ. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه: هذا الحديث حسّنه الشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيح أبي داود"، وعندي في تحسينه نظر؛ لأنه مخالف لحديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- فإن الآية الأولى هي التي في "آل عمران"، لا في "البقرة".
ثم وجدت الطحاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أخرج الحديث في "شرح معاني الآثار"(١/ ٢٩٨) بما يوافق حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، ونصّه: