للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في صلاة بعض النافلة قائمًا، وبعضها قاعدًا:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعيّ، وعامة العلماء جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام، وبعضها من قعود، وسواء قام ثم قعد، أو قعد ثم قام، ومنعه بعض السلف، وهو غلطٌ، وحَكَى القاضي عن أبي يوسف ومحمد، صاحبي أبي حنيفة، في آخرين كراهة القعود بعد القيام، ولو نوى القيام ثم أراد أن يجلس جاز عند الجمهور، وجوّزه من المالكية ابن القاسم، ومنعه أشهب. انتهى (١).

وقال صاحب "المرعاة": (واعلم): أن ههنا أربع صور:

[الأولى]: أن ينتقل من القيام إلى الركوع والسجود.

[والثانية]: أن ينتقل من القعود إليهما، وهاتان مذكورتان في حديث عبد اللَّه بن شقيق، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-.

[والثالثة]: أن ينتقل من القعود إلى القيام، ويقرأ بعض القرآن قائمًا، ثم ينتقل من القيام إلى الركوع والسجود، وهذه مذكورة في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- الآتي في الباب.

[والرابعة]: عكس الثالثة، وهي أن ينتقل من القيام إلى القعود، فيقرأ بعض القراءة قاعدًا، ثم ينتقل من القعود إلى الركوع والسجود، ولم تُرو هذه الصورة، وعلى هذا فيكون -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الليل على ثلاثة أحوال: قائمًا في كلّها، وقاعدًا في كلّها، وقاعدًا في بعضها، ثم قائمًا، وأما أن يكون قائمًا في بعضها، ثم قاعدًا، وهي الصورة الرابعة، فذهب الجمهور إلى جوازها، قال العينيّ: جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام، وبعضها من قعود هو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعيّ، وعامّة العلماء إلى آخر ما تقدّم نقله عن النوويّ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق من الأقوال، وأدلّتها أن


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٦/ ١١ - ١٢.
(٢) راجع: "المرعاة شرح المشكاة" ٤/ ١٣٥ - ١٣٦.