للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفضل، وهذا هو الصواب، ويُحْمَل باقي الأحاديث المطلقة على هذا التفصيل الصحيح الصريح، فمن ذلك حديث: "أوصاني خليلي أن لا أنام إلا على وتر"، فهو محمول على من لا يَثِقُ بالاستيقاظ. انتهى.

٣ - (ومنها): أنه يدلّ دلالةً صريحةً على تفضيل صلاة الوتر وغيرها آخر الليل.

٤ - (ومنها): أن بعضهم استدلّ به على وجوب الوتر، قال القاري: أمرُه بالإتيان عند خوف الفوت يدلّ على وجوبه. انتهى.

وتُعُقّب بأن أمْرَه بالإتيان عند خوف الفوت لمزيد تأكّده، لا لوجوبه؛ لما أسلفناه من الأدلّة التي تدلّ على عدم وجوبه، وقد سبق بيانها في المسألة السابعة التي تقدّمت في شرح حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قبل باب، فراجعها تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

٥ - (ومنها): ما قال القرطبيُّ -رضي اللَّه عنهما-: هذا الحديث يدلّ على أن تأخير الوتر أفضل لمن قَوِيَ عليه، وأن تعجيله جَزْمٌ؛ لئلا يفوت بطلوع الفجر، وقد روى أبو سليمان الخطّابيّ، عن سعيد بن المسيِّب، أن أبا بكر وعمر يتذاكرا الوتر عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: أما أنا، فإني أنام على وتر، فإن صلّيتُ صلّيتُ شفعًا شفعًا حتى أُصبحَ، وقال عمر -رضي اللَّه عنه-: لكني أنام على شفع، ثم أوتر من السحر، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر: "حَذِرَ هذا"، وقال لعمر: "قَوِيَ هذا" (١).

وقد دلّ قول أبي بكر -رضي اللَّه عنه- في هذا الحديث على أن من صلى وتره في أول الليل، ثم نَشِطَ للصلاة في آخره صلى ما شاء من شفع، ولا يلزمه أن يوتر في آخر صلاته وترًا آخر؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أخرجه أبو داود عن طلق بن عليّ، مرفوعًا: "لا وتران في ليلة" (٢)، وهو صحيح، ولا يجوز أن يُضيف إلى وتره المتقدّم وترًا آخر، فينقض المتقدّم، وقد اختُلِف فيه، وإلى ما فعله أبو بكر -رضي اللَّه عنه-


(١) رواه عبد الرزّاق في "مصنّفه" (٥/ ٤٦).
(٢) حديث صحيح، رواه أحمد في "مسنده" برقم (١٥٨٦١)، وأبو داود (١٤٣٩)، والترمذيّ (٤٣٢)، والنسائيّ (١٦٧٩).