للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روايات الحديث، وهو منصوب على الحال؛ أي: مالئًا، وتقديره: لو كان جسمًا لملأ ذلك، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: يجوز نصب "ملء" على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: حمدًا ملءَ، أو مفعول لفعل محذوف؛ أي: أعني، ورفعه على أنه صفة و"الحمدُ"، أو خبر لمحذوف؛ أي: هو.

و"الملء" بالكسر ما يأخذه الإناء إذا امتلأ.

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو تمثيل، وتقريب، والمراد تكثير العدد، حتى لو قُدِّر ذلك أجسامًا ملأ ذلك، وقال غيره: المراد بذلك التعظيم، كما يقال: هذه الكلمة تملأ طباق الأرض. وقيل: المراد بذلك أجرها وثوابها. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأولى إبقاء لفظ الحديث على ظاهره، وما المانع أن يكون الحمد شيئًا يملأ السموات والأرض، وقد ثبت بالنصوص الكثيرة أن الأعمال توزن يوم القيامة، ومعلوم أنه لا يوزن إلَّا ما كان شيئًا محسوسًا، فلا داعي إلى هذه التكلفات التي ذكروها.

(وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا) وفي نسخة: "ملء السماوات، وملء الأرض، وما بينهما"؛ أي: ما بين السماوات والأرض.

(وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ") "ملء" عطف على الأول، ومضاف إلى "ما" الموصولة، و"شئت" صلتها، و"من شيء" بيان لـ "ما"، و"بعد" من الظروف المبنية لقطعه عن الإضافة، ونية معناها، وبني على الضم لشبهه بأحرف الغاية، كـ "حيث"، و"منذ"، قال في "الخلاصة":

وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْرًا انْ عَدِمْتَ مَا … لَهُ أُضِيفَ نَاوِيًا مَا عُدِمَا

قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ حَسْبُ … أَوَّلُ وَدُونُ وَالْجِهَاتُ أَيْضًا وَعَلُ

والمضاف المقدر هنا "السموات، والأرض، وما بينهما"، والظرف متعلق بمحذوف صفة لـ "شيء". والمراد بقوله: "من شيء": العرش، والكرسي، ونحوهما، مما في مقدور اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِلُ أن يكون معناه: من شيء يمكن أن يخلقه أكبر من السماوات والأرض، ويَحْتَمِلُ أن يراد به العرش والكرسيّ، ففي الحديث: "إن السماوات والأرض في الكرسيّ كالحلقة الملقاة في فلاة من