للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذهبت الحنفيّة إلى أن ذلك يكون في التطوّع، لا في المكتوبة، وبهذا قالت المالكيّة، وقالوا: إن الدعاء أثناء القراءة في الفريضة مكروه إلا للمأموم، فله أن يصلي على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا مرّ ذكره في قراءة الإمام، وأن يسأل الجنّة إذا مرّ بآية فيها ذكرها، وأن يستعيذ من النار إذا مرّ بآية فيها ذكرها (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأرجح عندي القول باستحباب التسبيح والسؤال، والتعوّذ لكلّ قارئ في التطوّع دون الفرض، كما هو مذهب المالكيّة والحنفيّة؛ لأنه المنقول عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يُنقل ذلك عنه في الفريضة، فالأولى الاقتصار على مورد النصّ، ولأن الإمام مأمور بالتخفيف، فلا يُشرع له التطويل بما ذُكر، وأما المأموم فلا بأس أن يفعل ذلك؛ لأنه لم يؤمر بالتخفيف كالإمام، فليُتنبّه (٢)، واللَّه تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): بيان استحباب تكرير "سبحان ربي العظيم" في الركوع، و"سبحان ربي الأعلى" في السجود، قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو مذهبنا، ومذهب الأوزاعيّ، وأبي حنيفة، والكوفيين، وأحمد، والجمهور، وقال مالك: لا يتعيّن ذكر التسبيح، انتهى.

٥ - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز تطويل الاعتدال من الركوع، وهو قول الجمهور، وفيه ردّ على الشافعيّة حيث لا يُجيزونه، بل يبطلون به الصلاة، وهذا عجيب مع ثبوت الأحاديث الصحيحة الكثيرة على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُطيله، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:


(١) راجع: "المنهل العذب المورود" ٥/ ٣١٧ - ٣١٨.
(٢) كنت رجّحت في "شرح النسائيّ" ما ذهب إليه الشافعيّة من الاستحباب لكلّ مصلّ فرضًا كانت الصلاة أو نفلًا، إلا أنه ترجح عندي الآن ما ذكرته، فليُتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.