تشرّف بخدمة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عشر سنين، ونال دعوته المباركة، كما تقدّم غير مرّة، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَنَسٍ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْمَسْجِدَ) أي: النبويّ، فـ "أل" فيه للعهد (وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيتَيْنِ) هكذا بالتنكير في رواية المصنّف، وفي رواية البخاريّ:"بين الساريتين" بالتعريف؛ أي: اللتين في جانب المسجد، وكأنهما كانتا معهودتين للمخاطب، والجملة في محلّ نصب على الحال من "رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وفي رواية النسائيّ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَرَأَى حَبْلًا مَمْدُودًا، بَيْنَ سَارِيتَيْن".
(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("مَا هَذَا؟ ") وفي رواية البخاريّ: "ما هذا الحبل؟ "؛ أي: ما فائدة مدّه بين الساريتين؟ (قَالُوا: لِزَيْنَبَ) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الفتح": جزم كثير من الشرّاح، تبعًا للخطيب في "مبهماته" بأنها بنت جحش، أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها-، ولم أر ذلك في شيء من الطرق صريحًا، ووقع في شرح الشيخ سراج الدين ابن الملقّن أن ابن أبي شيبة رواه كذلك، لكنّي لم أر في "مسنده"، و"مصنّفه" زيادة على قوله: "قالوا: لزينب"، أخرجه عن إسماعيل ابن عُليّة، عن عبد العزيز، وكذا أخرجه مسلم عنه، وأبو نُعيم في "المستخرج" من طريقه، وكذلك رواه أحمد في "مسنده" عن إسماعيل، وأخرجه أبو داود عن شيخين له، عن إسماعيل، فقال عن أحدهما:"زينب"، ولم يَنسُبها، وقال عن آخر:"حَمْنَة بنت جحش"، فهذا قرينة في كون زينب هي بنت جحش.
ورَوَى أحمد من طريق حماد، عن حُميد، عن أنس -رضي اللَّه عنه- أنها حمنة بنت جحش أيضًا، فلعلّ نسبة الحبل إليهما باعتبار أنه ملك لإحداهما، والأخرى المتعلّقة به، وقد تقدّم في "كتاب الحيض" أن بنات جحش كانت كل واحدة منهنّ تُدعَى زينب، فيما قيل، فعلى هذا فالحبل لحمنة، وأطلق عليها زينب باعتبار اسمها الآخر.
ووقع في "صحيح" ابن خزيمة من طريق شعبة عن عبد العزيز: "قالوا: لميمونة بنت الحارث"، وهي رواية شاذّة، وقيل: يَحْتَمِل تعدد القصّة، ووهِمَ