للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلم يقدر أن يقرأ، كأنه صار به عجمة (١).

وقوله: (فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ) يَحْتَمِل معناه أوجهًا:

[أحدها]: أنه لنعاسه صار لا يَفهم ما ينطق به.

[والثاني]: أنه لا يدري لشدة نعاسه ما بعد اللفظ الذي نطق به، حتى يأتي به.

[والثالث]: أنه لشدة نعاسه لا يقدر على النطق أصلًا، وهذه مراتب أخفها الأول، وأشدها الأخير، قاله وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

(فَلْيَضْطَجِعْ") أي: فلينم، وهذا الأمر بالاضطجاع في هذه الصورة، هل هو على سبيل الاستحباب، أو الإيجاب؛ قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظواهر الأحاديث تقتضي وجوب ذلك، فأما من حيث المعنى، فإن كان النعاس خفيفًا بحيث يعلم المصلي الناعس أنه أتى بواجبات الصلاة، فإن صلاته صحيحة، فلا يجب عليه الخروج منها، وإن كان بحيث لا يعلم ما أتى به من الواجبات فصلاته غير صحيحة، فيجب الخروج منها، ثم إن ذهب عنه النوم بأمر آخر غير الاضطجاع من تبرد بماء، أو غير ذلك فلا شك أنه لا يجب ذلك؛ لأنه وسيلة إلى ذهاب النوم، وقد ذهب، فإذا حصل المقصد سقطت الوسائل، وإن لم يذهب ذلك إلا بالاضطجاع وجب عليه؛ لأنه مقدمة للواجب.

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن من اعتراه ذلك في الفريضة، وكان في وقت سعة لزمه أن يفعل مثل ذلك، وينام حتى يتفرغ للصلاة. انتهى، فحمل الأمر في ذلك على الوجوب. انتهى كلام العراقيّ.

قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والظاهر حمل الأمر في ذلك على الاستحباب مطلقًا، وما دام النعاس خفيفًا فلا وجه للوجوب، وإذا اشتد النعاس انقطعت الصلاة؛ لشدته، فلا يحتاج إلى إيجاب القطع؛ لأنه يحصل بغير اختيار المصلي، واللَّه أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول بوجوب الاضطجاع، هو الظاهر؛ لظاهر


(١) "طرح التثريب" ٣/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) "طرح التثريب" ٣/ ٩٠.