للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم أقف على تعيين الآيات المذكورة، وأغرب من زعم أن المراد بذلك إحدى وعشرون آيةً؛ لأن ابن عبد الحكم قال فيمن أَقَرّ أن عليه كذا وكذا درهمًا أنه يلزمه أحد وعشرون درهمًا، وقال الداوديّ: يكون مقرًّا بدرهمين؛ لأنه أقل ما يقع عليه ذلك، قال: فإن قال: له علي كذا درهمًا كان مُقِرًّا بدرهم واحد. انتهى.

(كُنْتُ أَسْقَطْتُهَا) وفي لفظ البخاريّ: "أسقطتهنّ (مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا") وفي الرواية التالية: "كنت أُنسيتها"، وهي مفسِّرة لقوله: "أسقطتها"، فكأنه قال: أسقطتها نسيانًا لا عمدًا، وعند الإسماعيليّ: "كنت نَسِيتها" بفتح النون، ليس قبلها همزة، قال الإسماعيليّ: النسيان من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لشيء من القرآن يكون على قسمين:

أحدهما: نسيانه الذي يتذكره عن قُرْب، وذلك قائم بالطباع البشرية، وعليه يدل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- في السهو: "إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون".

والثاني: أن يرفعه اللَّه عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهو المشار إليه بالاستثناء في قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: ٦، ٧]، قال: فأما القسم الأول فعارضٌ سريع الزوال؛ لظاهر قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]، وأما الثاني فداخل في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: ١٠٦] على قراءة من قرأ بضم أوله من غير همزة. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣٤/ ١٨٣٧ و ١٨٣٨] (٧٨٨)، و (البخاريّ) في


(١) راجع: "الفتح" ١١/ ٢٨٤ - ٢٨٥.