فـ "ما" في هذا الحديث نكرة منصوبة على التمييز، وفاعل "بئس" ضمير مستتر، على الأصح، وقيل: "ما" هي الفاعل، وقوله: "لأحدهم" متعلق بحال محذوف؛ أي: حال كونه كائنًا لأحدهم، أو متعلق بـ "بئس" على رأي بعضهم، وقوله: "أن يقول" في تأويل المصدر مخصوص بالذّمّ، أي: بئس شيئًا قوله.
وإلى ما ذَكَرنَاه من أحوال "نعم" وبئس أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" حيث قال:
فِعْلَانِ غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ … نِعْمَ وَبِئْسَ رَافِعَانِ اسْمَيْنِ
مُقَارِنَيْ "ألْ" أوْ مُضَافَيْنِ لِمَا … قَارَنَهَا كَـ "نِعْمَ عُقْبَى الْكُرَمَا"
وَيَرْفَعَانِ مُضْمَرًا يُفَسِّرُهْ … مُمَيِّزٌ كَـ "نِعْمَ قَوْمًا مَعْشَرُهْ"
وَجَمْعُ تَمْيِيزٍ وَفَاعِلٍ ظَهَرْ … فِيهِ خِلَافٌ عَنْهُمُ قَدِ اشْتَهَرْ
وَ"مَا" مُمَيِّز وَقِيلَ فَاعِلُ … فِي نَحْوِ "نِعْمَ مَا يَقُولُ الْفَاضِلُ"
وَيُذْكَرُ الْمَخْصُوصُ بَعْدُ مُبْتَدَا … أَوْ خَبَرَ اسْمٍ لَيْسَ يَبْدُو أَبَدَا
وَإِنْ يُقَدَّمْ مُشْعِرٌ بِهِ كَفى … كَـ "الْعِلْمُ نِعْمَ الْمُقْتَنَى وَالْمُقْتَفَى"
(نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ) بفتح النون، وتخفيف السين اتفاقًا، وإنما نَهَى عنه لما فيه من التشبه بمن ذمه اللَّه تعالى بقوله: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: ١٢٦]، فالاحتراز عن مثل هذا القول أحسن. أفاده السندي رحمه اللَّه تعالى.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (قوله: "كيت وكيت") أي: كذا وكذا، وهو بفتح التاء على المشهور، وحكى الجوهريّ فتحها وكسرها عن أبي عبيد. انتهى.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "كيتَ وكيتَ" يُعَبَّر بهما عن الْجُمَل الكثيرة، والحديثِ الطويل، ومثلهما "ذَيْتَ وذَيْتَ"، وقال ثعلب: كَيْتَ للأفعال، وذيتَ للأسماء.
وحَكَى ابن التين عن الداوديّ أن هذه الكلمة مثل كذا، إلا أنها خاصة بالمؤنث، قال في "الفتح": وهذا من مفردات الداودي. انتهى.
وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما نصه: وكان من الأمر كَيْتَ وكَيْتَ، وإن شئت كسرت التاء، وهي كناية عن القِصَّةِ، أو الأحْدُوثةِ، حكاه سيبويه، وقال الليث: تقول العرب: كان من الأمر كيتَ وكيتَ، قال: وهذه التاء في الأصل