للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صوتًا حسنًا، وأخرج ابن حبّان في "صحيحه" من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه حدّثه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع قراءة أبي موسى الأشعريّ، فقال: "قد أوتي هذا من مزامير آل داود"، قال أبو سلمة: وكان عمر بن الخطّاب يقول لأبي موسى -وهو جالسٌ في المجلس-: يا أبا موسى ذكِّرنا ربّنا، فيقرأ عنده أبو موسى، وهو جالسٌ في المجلس، ويتلاحن.

٥ - (ومنها): جواز مدح الإنسان في وجهه، والنهي الوارد في ذلك محمول على ما إذا خيف افتتان الممدوح بالعجب ونحوه.

٦ - (ومنها): بيان ما أكرم اللَّه تعالى به نبيّه داود -عَلَيْهِ السَّلَامُ- من حسن الصوت، وقد تقدّم عن عبيد بن عمير قال: كان داود -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يتغنى يعني: حين يقرأ، ويَبْكِي ويُبْكِي، وعن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن داود -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كان يقرأ الزبور بسبعين لَحْنًا، ويقرأ قراءةً يَطْرَب منها المحموم، وكان إذا أراد أن يُبَكِّي نفسه لم تبق دابة في برّ ولا بحرّ إلا أنصتت له، واستمعت، وبكت.

٧ - (ومنها): بيان استحباب تحسين الصوت بالقراءة، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها، قال أبو عبيد: والأحاديث الواردة في ذلك محمولة على التحزين والتشويق، قال: واختلفوا في القراءة بالألحان، فكرهها مالك والجمهور؛ لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم، وأباحها أبو حنيفة وجماعة من السلف؛ للأحاديث، ولأن ذلك سبب للرقة وإثارةِ الخشية، وإقبال النفوس على استماعه.

قال النوويّ: قال الشافعيّ في موضع: أكره القراءة بالألحان، وقال في موضع: لا أكرهها، قال أصحابنا: ليس له بينهما اختلاف، وإنما هو اختلاف حالين، فحيث كرهها أراد إذا مَطَّط، وأخرج الكلام عن موضعه بزيادة أو نقص أو مدّ غير ممدود، وإدغام ما لا يجوز إدغامه، ونحو ذلك، وحيث أباحها أراد إذا لم يكن فيها تغيير لموضوع الكلام. انتهى (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، وقد تقدّم


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٨٠.