للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أعدادهنّ من الإبل، فخمس آيات خير من خمس من الإبل، وكذلك الستّ، والسبع، إلى ما فوقُ، من الأعداد.

وقيل: يَحْتَمِلُ أن يكون المعنى أن آيتين خير من ناقتين، ومن أعدادهما من الإبل، وثلاث خير له من ثلاث، ومن أعدادهنّ من الإبل، وكذا أربعٌ.

والحاصل أن الآيات تُفَضَّل على أعدادهنّ من النوق، وعلى أعدادهنّ من الإبل، كذا ذكره الطيبيُّ (١).

قال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويوضّحه ما قيل: إنه متعلّق بقوله: "آيتين، وثلاث، وأربعٌ"، ومجرور "أعدادهنّ" عائد إلى الأعداد التي سبق ذكرها، و"من الإبل" بدلٌ من "أعدادهنّ"، أو بيانٌ له، يعني: آيتان خير من عدد كثير من الإبل، وكذلك ثلاث وأربعُ آيات منه؛ لأن قراءة القرآن تنفع في الدنيا والآخرة نفعًا عظيمًا، بخلاف الإبل. انتهى.

والحاصل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد ترغيبهم في الباقيات، وتزهيدهم عن الفانيات، فذكر هذا على سبيل التمثيل والتقريب إلى الفهم، وإلا فجميع الدنيا أحقر من أن تقابل بمعرفة آية من كتاب اللَّه تعالى، أو ثوابها من الدرجات العلى، كذا في "المرقاة" (٢).

وقال الإمام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" بعد أن أخرج الحديث ما نصّه: هذا الخبر أُضْمِر فيه كلمة، وهي: لو تَصَدَّق بها، يريد بقوله: فيتعلم آيتين من كتاب اللَّه خير من ناقتين وثلاث، لو تصدَّق بها؛ لأن فضل تعلم آيتين من كتاب اللَّه أكبر من فضل ناقتين وثلاث، وعِدَادهن من الإبل، لو تصدق بها؛ إذ محال أن يُشَبَّهَ مَن تعلم آيتين من كتاب اللَّه في الأجر بمن نال بعض حُطام الدنيا، فَصَحّ بما وصفتُ صحة ما ذكرتُ. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٣٤.
(٢) راجع: "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٦١٥.
(٣) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" ١/ ٣٢١.