أي هذه السورة بتمامها، ففي الرواية التالية:"فقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)} حتى ختمها"(ثُمَّ دَخَلَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- بيته (فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: إِنِّي أُرَى) بضمّ الهمزة، وفتح الراء بمعنى أظنّ، ويجوز أيضًا فتح همزته، فهو كقول الشاعر [من الطويل]:
قال الخضريُّ في "حاشيته": قوله: "وكنتُ أُرَى" أي أظنّ، والغالب في استعماله بمعنى الظنّ ضمّ همزته، كما قاله يس، وقد تُفْتَحُ، ويتعدّى لمفعولين فقط، فُتِح، أو ضُمّ، والضمير المستتر فاعلٌ، لا نائبه. انتهى كلامه باختصار (١).
وهنا مفعولها الأول قوله:(هَذَا) ومفعولها الثاني قوله: (خَبَرًا) بالنصب على ما في بعض النسخ، وهي النسخة التي شرح عليها الأبيّ، ووقع في معظم النسخ "خبر" بصورة المرفوع، وفيه إشكال، ويَحْتَمِل أن يكون منصوبًا رُسِم بصورة المرفوع، على لغة ربيعة، وعادة قدماء المحدّثين، فإنهم يرسمون المنصوب المنوّن بصورتي المرفوع والمجرور، ويَقِفون عليه بالسكون، فيزول الإشكال، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله:(جَاءَهُ مِنَ السَّمَاءِ) جملة في محلّ نصب صفة لـ "خبرًا"(فَذَاكَ) وفي نسخة: "فذلك"(الَّذِي أَدْخَلَهُ) يعني أن سبب دخوله البيت قبل يقرأ علينا ثلث القرآن هو وحي جاءه من السماء، وهذا قالوه ظنًّا منهم أنه سيقرأ عليهم ثلث القرآن المعروف (ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ:"إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) أي وقد قرأته (أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه (إِنَّهَا) بكسر الهمزة؛ لوقوعها بعد "ألا" الاستفتاحيّة (تَعْدِلُ) تقدّم أنه من باب ضرب، أي تساوي (ثُلُثَ الْقُرْآنِ") وقد تقدّمت أقوال العلماء في المراد من الثلث هنا، ورجحت قول من قال: إنه من متشابه الحديث، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
(١) راجع: "حاشية الخضريّ على شرح ابن عَقِيل على الخلاصة" ١/ ١٩٢ في "باب إنّ وأخواتها".