للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرواية بحذف {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وفي رواية الشعبيُّ الآتية: "فقرأت: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)}، "والذكر والأنثى"، فأثبتها، ولعلّ في هذه الرواية اختصارًا (قَالَ) أبو الدرداء -رضي اللَّه عنه- (وَأَنَا وَاللَّهِ هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقْرَؤُهَا) أي: بلفظ: "والذكر والأنثى" (وَلَكِنْ هَؤُلَاءِ) أي: أهل الشام (يُرِيدُونَ أَنْ أَقْرَأَ: {وَمَا خَلَقَ}) أي: كقراءة الجماعة (فَلَا أُتَابِعُهُمْ) أي: على ترك القراءة التي سمعتها منه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وفي رواية داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة في هذا الحديث: "وأن هؤلاء يريدونني أن أزول عما أقرأني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويقولون لي: اقرأ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)}، وإني واللَّه لا أطيعهم".

قال في "الفتح": وفي هذا بيانٌ واضحٌ أن قراءة ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- كانت كذلك، والذي وقع في غير هذه الطريق أنه قرأ: "والذي خلق الذكر والأنثى"، كذا في كثير من كتب القراءات الشاذّة، وهذه القراءة لَمْ يذكرها أبو عبيد إلَّا عن الحسن البصريّ، وأما ابن مسعود فهذا الإسناد المذكور في "الصحيحين" عنه من أصح الأسانيد، يروي به الأحاديث.

قال: ثم هذه القراءة لَمْ تُنقَل إلَّا عمن ذُكر هنا، ومن عداهم قرؤوا: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (٣)}، وعليها استقرّ الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء، ومن ذكر معه، ولعل هذا مما نُسِخَت تلاوته، ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء، ومن ذكر معه، والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة، وعن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لَمْ يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حَمَلُوا القراءة عن أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه-، ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا مما يُقَوِّي أن التلاوة بها نُسخت. انتهى (١).

وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرحه": قال القاضي: قال المازريّ: يجب أن يُعْتَقد في هذا الخبر، وما في معناه أن ذلك كان قرآنًا، ثم نُسِخ، ولم يَعْلَم من خالف النسخ، فبقي على النسخ.


(١) "الفتح" ٨/ ٥٧٨ "كتاب التفسير" رقم (٤٩٤٤).