للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن فيه عائشة -رضي اللَّه عنها- من المكثرين السبعة، وأبا سلمة من الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -رَحِمَهُ اللَّهُ- (أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها- (عَنِ السَّجْدَتَيْنِ) أي: الركعتين، فهو من إطلاق الجزء، وإرادة الكلّ (اللَّتَيْنِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ) أي: أداء فريضة العصر، فليس المراد به بعد خروج وقت العصر (فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (شُغِلَ عَنْهُمَا) ببناء الفعل للمفعول (أَوْ نَسِيَهُمَا) يَحْتَمِل أن يكون الشك من عائشة -رضي اللَّه عنها-؛ يعني: أنها شَكَّت في سبب تأخيره لهما، هل هو الشغل، أو النسيان؟ ويَحْتَمِل أن يكون من أبي سلمة؛ يعني: أنه شك فيما ذكرت عائشة -رضي اللَّه عنها- من سبب التأخير، وقد بُيّن في حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها- المذكور قبل هذا أن السبب هو الشغل بوفد عبد القيس، حيث قَدِموا عليه باسلام قومهم، واللَّه تعالى أعلم.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث ظاهر في أن المراد بالسجدتين ركعتان، هما سنة العصر قبلها، وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ينبغي أن تُحْمَل على سنة الظهر، كما في حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها-؛ ليتفق الحديثان، وسنة الظهر تصحّ تسميتها أنها قبل العصر. انتهى (١).

(فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ) أي: قضاء عمّا فاته (ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا) أي: داوم على صلاتهما كل يوم بعد ذلك (وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا) أي: داوم عليها (قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) المقابريّ، الشيخ الأول للمصنِّف في روايته (قَالَ إِسْمَاعِيلُ) هو ابن جعفر (تَعْنِي) عائشة -رضي اللَّه عنها- بقولها: "أثبتهما" (دَاوَمَ عَلَيْهَا).

[تنبيه]: قول عائشة -رضي اللَّه عنها- هنا: "أثبتهما" وفي رواية البخاريّ: "ما تركهما حتى لقي اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، وفي لفظ: "لَمْ يكن يَدَعُهما"، وفي لفظ: "ما كان يأتيني في يوم بعد العصر إلَّا صلى ركعتين"، مرادها من الوقت الذي شُغِل عن الركتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ولم تُرِد أنه كان يصلي بعد العصر


(١) "شرح النووي" ٦/ ١٢٢.