للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: سمعت عمرو بن عامر الأنصاريّ، عن أنس بن مالك، قال: "كان المؤذّن إذا أذَّن، قام ناس من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبتدرون السواري، حتى يخرج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء"، قال عثمان بن جَبَلَة، وأبو داود، عن شعبة: "لَمْ يكن بينهما إلَّا قليل". انتهى.

وقوله: "ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء" التنوين فيه للتكثير؛ أي: لَمْ يكن بين الأذان والإقامة شيء كثير من الزمن.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وبالتقرير الذي ذكرناه يندفع قول من زعم أن الرواية المعلقة معارضة للرواية الموصولة، بل هي مبيِّنة لها، ونفيُ الكثير يقتضي إثبات القليل، وقد أخرج المعلَّقة الإسماعيليّ موصولة من طريق عثمان بن عمر، عن شعبة بلفظ: "وكان بين الأذان والإقامة قريبٌ"، ولمحمد بن نصر من طريق أبي عامر، عن شعبة نحوه.

وقال ابن المنيِّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يُجْمَع بين الروايتين بحمل النفي المطلق على المبالغة مجازًا، والإثبات للقليل على الحقيقة.

وحمل بعض العلماء حديث الباب على ظاهره، فقال: دَلَّ قوله: "ولم يكن بينهما شيء" على أن عموم قوله: "بين كل أذانين صلاة" مخصوص بغير المغرب، فإنهم لَمْ يكونوا يصلّون بينهما، بل كانوا يشرعون في الصلاة في أثناء الأذان، ويفرغون مع فراغه، قال: ويؤيد ذلك ما رواه البزار من طريق حيان بن عبيد اللَّه، عن عبد اللَّه بن بُريدة، عن أبيه مثل حديث عبد اللَّه بن مغفّل الآتي في الباب التالي، ولفظه: "بين كل أذانين صلاة -ثلاثًا- لمن شاء" الأول، وزاد في آخره: "إلَّا المغرب". انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي قوله: "ويفرغون مع فراغه" نظرٌ؛ لأنه ليس في الحديث ما يقتضيه، ولا يلزم من شروعهم في أثناء الأذان ذلك.

وأما رواية حيان -وهو بفتح المهملة، والتحتانية- فشاذّة؛ لأنه، وإن كان صدوقًا عند البزار، وغيره، لكنه خالف الحفاظ من أصحاب عبد اللَّه بن بريدة في إسناد الحديث ومتنه.