وعن الفضل بن الحسن: أنه كان يقول: الركعتان اللتان تصليان بين يدي المغرب صلاة الأوابين.
وقال أحمد بن حنبل: في الركعتين قبل المغرب أحاديث جياد، أو قال: صحاح عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحابه، وذكر حديث النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إلَّا أنه قال: لمن شاء، فمن شاء صلي، قيل له: قبل الأذان، أم بين الأذان والإقامة؟ فقال: بين الأذان والإقامة، ثم قال: وإن صلى إذا غربت الشمس، وحلّت الصلاة؛ أي: فهو جائز، قال: هذا شيء ينكره الناس، وتبسم كالمتعجب ممن ينكر ذلك، وسئل عنهما؟ فقال: أنا لا أفعله، وإن فعله رجل لَمْ يكن به بأس.
ذكر من لم يركعهما من الصحابة:
عن النخعيّ، قال: كان بالكوفة من خيار أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبو مسعود، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، فأخبرني من رمقهم كلهم، فما رأى أحدًا منهم يصليهما قبل المغرب.
وفي رواية: إن أبا بكر، وعمر، وعثمان، كانوا لا يصلون الركعتين قبل المغرب.
وقيل لإبراهيم: إن ابن أبي الهذيل كان يصلي قبل المغرب ركعتين، فقال: إن ذاك لا يعلم.
قال محمد بن نصر: ليس في حكاية هذا الذي رُوي عن إبراهيم أنه رمقهم، فلم يرهم يصلونهما دليل على كراهتهم لهما، إنما تركوهما؛ لأن تركهما كان مباحًا، ألا ترى أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه لَمْ يرو عنه أنه ركعهما، غير أنه رغّب فيهما، وكان ترغيبه فيهما أكثر من فعله لو فعلهما من غير أن يرغّب فيهما، وقد يجوز أن يكون أولئك الذين حكى عنهم من حكى أنه رمقهم، فلم يرهم يصلّونهما قد صلوهما في غير الوقت الذي رمقهم هذا.
ويجوز أن يكون النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد ركعهما في بيته حيث لَمْ يره الناس؛ لأن أكثر تطوعه كان في منزله. وكذلك الذين رمقوا بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يجوز أن يكونوا قد صلّوا في بيوتهم، ولذلك لَمْ يرهم الذي رمقهم يصلّونهما، فإن كثيرًا من العلماء كانوا لا يتطوعون في المسجد.