أخبرنا شعيب، ما قال قطّ: حدّثنا، فهذا يوضّح لك أنها بالإجازة، وهي منقولة جزمًا من خطّ شُعيب، وكان من أثبت أصحاب الزهريّ، والمقصود من الرواية إنما هو العلم الحاصل بأن هذا الخبر حدّث به فلان على أيّ صفة كان من صفات الأداء، وقد كان أبو اليمان عام وقته بحمص، استقدمه المأمون ليُولّيه قضاء حمص. انتهى كلام الذهبيّ رحمه الله تعالى.
قد تبيّن بهذا أن أحاديث أبي اليمان، عن شعيب صحيحة، لا كلام فيها؛ لأنها وإن لم تكن سماعًا فقد ثبت كونها إجازةً أو مناولةً، وكلتاهما من الطرق الصحيحة المعمول بها عند جمهور المحدّثين، ولا اعتداد بقول من خالفها، وكيف يُعتدّ به، وقد خالف ما ثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مناولته وإجازته للصحابة - رضي الله عنه - ليبلغوه للناس؟ فمن ذلك حديث أمير السريّة، كما هو مشهور في "الصحيحين"، حيث ناوله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كتابه وقال:"لا تقرأه حتى تبلغ مكان وكذا، فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس … " الحديث، وقد استدلّ به البخاريّ في "الصحيح" في "كتاب العلم" في "باب ما يُذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان"، وكذا حديث إجازته - صلى الله عليه وسلم - لعليّ - رضي الله عنه - أن يأخذ الكتاب من أبي بكر - رضي الله عنه - ويقرأه على الناس في الموسم، وغير ذلك.
والحاصل أن الطعن في أبي اليمان بما ذُكر مما لا يُلتفت إليه، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال محمد بن مصفى وغيره: مات سنة (٢١١)، زاد أبو زرعة: وهو ابن (٨٣)، وقال البخاري وغيره: مات سنة (٢٢٢)، زاد محمد بن سعد: في ذي الحجة بِحِمْصَ، له في ابن ماجه حديث واحد في خطبة عليّ - رضي الله عنه - بنتَ أبي جهل.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (٣٢) حديثًا.
٣ - (شُعَيْبٌ) بن أبي حمزة، واسم أبيه دينار الأموي مولاهم، أبو بِشْر الحمصيّ، ثقةٌ عابدٌ [٧].
رَوَى عن الزهريّ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، وأبي الزناد، وابن المنكدر، ونافع، وهشام بن عروة، وغيرهم.
ورَوَى عنه ابنه بشر، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، ومسكين بن بُكير، وأبو اليمان، وعليّ بن عَيّاش الحمصيّ، وعِدّة.