للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] "، أخرجه أحمد، والنسائيّ، والطيالسيّ، وعبد الرزاق، وغيرهم.

وقيل: لتعذر الطهارة، وقيل: لأنه كان في الحضر، وشرط صلاة الخوف أن تكون في السفر (١)، قاله ابن الماجشون.

وقيل: أخّرها عمدًا؛ لأنه كانت قبل نزول صلاة الخوف، وإليه ذهب الجمهور، كما قال ابن رشد، وبه جزم ابن القيّم في "الهدي"، والحافظ في "الفتح"، والقرطبيّ في "شرح مختصر مسلم"، وعياض في "الشفا"، وغيرهم، وهو الراجح (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ} الآية [النساء: ١٠١ - ١٠٢].

قد ذكر طائفة من السلف أنها نزلت في صلاة في السفر، لا في صلاة السفر بمجرده؛ ولهذا ذَكَر عقيبها قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٢]، ثم ذكر صفة صلاة الخوف، فكان ذلك تفسيرًا للقصر المذكور في الآية الأولى، وهذا هو الذي يشير إليه البخاريّ، وهو مروي عن مجاهد والسديّ والضحاك وغيرهم، واختاره ابن جرير وغيره.

وتقدير هذا من وجهين:

أحدهما: أن المراد بقصر الصلاة قصر أركانها بالإيماء ونحوه، وقصر عدد الصلاة إلى ركعة. فأما صلاة السفر، فإنها ركعتان، وهي تمام غير قصر، كما قاله عمر -رضي اللَّه عنه-.

ورَوَى سماك الحنفي، قال: سمعت ابن عمر يقول: الركعتان في السفر تمام غير قصر، إنما القصر صلاة المخافة، أخرجه ابن جرير وغيره.

وروى ابن المبارك عن المسعودي، عن يزيد الفقير، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه يُسأل عن الركعتين في السفر: أقصرُهما؟ قالَ: إنما القصر ركعةٌ عندَ القتال، وإن الركعتين في السفر ليستا بقصرٍ.


(١) سيأتي أن الراجح مشروعيّتها في الحضر أيضًا.
(٢) "المرعاة" ٥/ ١ - ٢.